يوم الأب العالمي الذي صادف هذه الأيام مرَّ مرور الكرام دون ضجيج أو حديث أو إعادة تداول، وغيرها مما يحدث في مناسبات مماثلة كـ"يوم الأم أو يوم الطفل"، أو حتى "يوم القط" إذا كان هناك يوم تحت هذا الاسم.
دعونا نقولها بصراحة: إن الأب ينطبق عليه المثل (مأكول مذموم). في جميع الثقافات تجد الاهتمام بالأم، أو حتى بأي عضو من أعضاء الجسد، مثل يوم الكلى.. وغيرها. أما الأب فلا يجد ذلك التقدير بالرغم من أنه السند الحقيقي، والجسر الذي تعبر عليه العائلة، والمظلة التي يستظل بها الجميع.
للأسف لا يتم ذكر الأب بشكل حقيقي إلا بعد وفاته؛ لأن الأمور تتكشف، وتتضح الحقائق، ويعلم الكل أنه ذلك السند الخفي الذي يحمل الهم والتعب بكل قوة وصبر وجَلَد دون أن يبيح عما بداخله، بل ينثر الفرح والابتسامة على الجميع؛ حتى لا يشعروا بالضيق والضجر. هذا الجَلَد -للأسف- تفهمه الأسر بشكل مقلوب معتقدين أن هذا الأب يعيش السعادة دون منغصات ودون مشاكل، وأن طريقه مفروش بالورود، متجاهلين صعوبة الحياة ونكدها وامتلاءها بالأضداد التي قال عنها الشاعر:
ليس يخلو المرء من ضد ** وإن حاول العزلة في رأس جبل
هذا الجبل الصامت، والصخرة التي تحجب عنكم الرياح العاتية، أعطوها حقها من الاهتمام، بل أعطوها نصف اهتمام الأم؛ لأنهم ـ والله ـ يبذلون الغالي والرخيص لإسعادكم وراحتكم. أما بعد وفاة الأب فتأتي الشعارات الرنانة والحنين الذي لم يجده في حياته. ما الفائدة؟! لقد ذهب كل شيء.
حديثي هذا بلسان جميع الآباء: انتهزوا الفرصة قبل فواتها.