أخذت قضية الموقوفين بتهمة النيل من استقرار المملكة أو كما عرفت إعلاميًا بقضية "عملاء السفارات" منحى جديدًا بإعلان النيابة العامة في بيانٍ رسمي تفاصيل إيقافهم، وارتفاع عددهم إلى 17 شخصًا؛ إذ صدرت أوامر إفراج مؤقت بحق ٨ متهمين منهم (5 نساء و3 رجال) لحين استكمال إجراءات التحقيق، واستمر إيقاف ٩ متهمين (5 رجال و4 نساء)؛ وذلك بعد توافر الأدلة الكافية، واعترافهم بما نُسب إليهم من تهم تندرج ضمن الجرائم الموجبة للتوقيف.
ويمكن استشفاف بعض الرسائل من هذا البيان وهذه الحملة التي قادها أمن الدولة لإيقاف هذه الخلية.
إساءة استغلال الحرية
تحرص المملكة بشدة على عدم إساءة بعض المواطنين للحرية التي يتمتعون بها بموجب الأنظمة القانونية القائمة، فالسعودية شعارها الاعتدال، وستضرب بيدٍ من حديد على أي تطرف أو غُلو سواء كان غُلو تشدد أو تسيب، والموقوفون أساءوا استخدام هذه الحريات، والانفتاح الذي تعيشه السعودية الجديدة لبث سمومهم، ومحاولة التشهير بالمملكة، وتجنيد أشخاص في مواقع حساسة، وتسليط الضوء من الخارج على قضايا محلية تخص الشأن المحلي بحجة حقوق الإنسان تارة والمرأة تارة أخرى.
ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن نعد حرية التعبير هي الإساءة للدولة أو لرموزها، وإشعال الفتن، والنيل من الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي الذي يعيشه الوطن، فهذه مسلمات وثوابت وطنية لا ينبغي المساس بها أو التعرض لها، أو التواصل مع جهات خارجية معادية بشأنها.
لا مساس بالثوابت الوطنية والدينية
وتبرهن أحاديث ولي العهد المستمرة إلى الإعلام العالمي للتعريف بالسعودية الجديدة، وإيضاح الحرية من المنظور السعودي الذي قد يختلف عن المنظور الأمريكي هذه الثوابت الوطنية والدينية، ففي حديثه إلى مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية أكد الأمير محمد بن سلمان أن المواطنين في السعودية لديهم حرية تعبير لا يحدها إلا 3 خطوط هم الإسلام والتجريح أو التجاوز على الأشخاص (الشخصنة) والأمن القومي، فلا يمكن اجتياز هذه الخطوط الثلاثة؛ لخطورة ذلك على أمن البلاد وسلمها الاجتماعي، ولكن في غير ذلك يمكن للمرء فعل أي شيء يحلو له.
وأضاف في موضع آخر من الحوار نفسه: "ما يمكنني فعله هو تشجيع قوة القانون. نود أن نشجع حرية التعبير بقدر ما نستطيع، طالما لا نعطي الفرصة للتطرف بالظهور".
وحينما سأل محاور مجلة "التايم" الأمريكية في حديثٍ آخر ولي العهد حول من يدعون أنفسهم نشطاء سياسيين أو حقوقيين، كان رده أن الإعلام الغربي كان يُعِد أسامة بن لادن مدافعًا عن حرية التعبير ومناضلاً من أجل الحرية في تسعينيات القرن الميلادي الماضي، في حين كانت السعودية تطالب باعتقاله، وحينما أيقن الغرب أن ابن لادن أساء استخدام هذه الحريات بعد أحداث 11 سبتمبر بدأ في مطاردته، ووضعه على قائمة الإرهابيين المطلوبين.
إذًا نحن أمام دولة تُحض وتشجع على حرية التعبير، ولكن من دون أن تعطي فرصة للتطرف للظهور، وإعلاء صوته، أو المساس بثوابت الوطن، فحرية الفرد تقف عند حدود حرية الآخرين ولا تتخطاها. كما أن المواطن أكثر وعيًا بأمنه واستقراره في بلاده أكثر من الجهات الخارجية ومَن تمولهم وتدعمهم.
حقوق الموقوفين
اللافت في بيان النيابة العامة تشددها على كفالتها عدم المساس بكرامة المتهمين، وضمان حقوقهم، وتوفيرها لإمكانية الاتصال بذويهم، وتوفير الأماكن المناسبة لهم، والرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة، وفي الوقت نفسه حرصها على تحقيق العدالة أثناء إجراءات التحقيق مع الموقوفين، وبما لا يخل بأمن وسلامة الوطن وأنظمته ومصالحه.