تزداد العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية متانةً وقوة في ظلّ مكانة الصين بصفتها ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وأحد أكبر الأسواق الاستهلاكية والتصنيعية على مستوى العالم.
وتحتلّ الصينُ مكانةً بارزة بصفتها أولى الوجهات للصادرات السعودية بنسبة تبلغ 15% من إجمالي الصادرات؛ وفقًا لتقرير التجارة الدولية للربع الأول من عام 2024م الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء؛ ممّا يعكس حجم التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
ومن أبرز الإنجازات المتحقّقة التي تؤكّد أهمية الصين بصفتها محطة تصديرية مهمة تحظى فيها المنتجات السعودية بمكانة مميزة؛ تجاوز قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى الصين خلال الأعوام الخمسة الماضية "2019 - 2023" حاجز 176 مليار ريال سعودي، تصدّرها قطاع الكيماويات والبوليمرات، ثم قطاع المعادن.
ولأجل ذلك اتّخذت هيئة تنمية الصادرات السعودية "الصادرات السعودية"، خطوات جادة نحو تعزيز وصول الصادرات السعودية إلى السوق الصيني، مُلقيةً اهتمامًا كبيرًا لجميع النواحي سعيًا لترسيخ جسور التعاون الاقتصادي وتنمية الصادرات السعودية غير النفطية وإيصال المنتجات والخدمات السعودية للسوق الصيني. ومن ذلك حرصها على المشاركة في العديد من المعارض الدولية المتخصصة في الصين لمساعدة المصدرين السعوديين على عرض منتجاتهم وخدماتهم أمام المهتمين والزوار، وعقد الصفقات التجارية التي توسع من نطاق صادراتهم.
ومن المعارض التي تشارك بها "الصادرات السعودية" هذا العام: معرض النقل والخدمات اللوجستية 2024م في الصين بمشاركة 16 شركة وطنية رائدة تستعرض خدماتها اللوجستية والتقنية أمام الزوار والمهتمين.
ومما يعكس أهمية النقل واللوجستيات بصفته أحد أبرز عناصر قطاع صادرات الخدمات، أحد القطاعات الواعدة المساهمة في زيادة الصادرات غير النفطية إلى جانب قطاعي السلع وإعادة التصدير؛ حيث تفوّقت صادرات الخدمات عام 2023م مسجلة أفضل أداء لها مقارنة بالسنوات السابقة بزيادة قدرها 40% عن العام السابق بقيمة 182 مليار ريال سعودي "بحسب البيانات الأولية"؛ حيث كان الارتفاع مدعومًا بانتعاش قطاع السفر الذي ارتفع بنسبة 43% الذي يشكّل 74% من إجمالي الخدمات بقيمة بلغت 135 مليار ريال سعودي، يليه قطاع النقل الذي بلغت قيمة صادراته 24.2 مليار ريال سعودي، ثم صادرات خدمات الاتصالات بقيمة 6.3 مليارات ريال سعودي.
كما تسعى "الصادرات السعودية" لرفع جاهزية المصدرين وتزويدهم بالمعلومات والدراسات اللازمة، وبحث فرص التصدير عبر تقديم دراسات وتقارير متخصصة؛ ممّا يساعدهم على إيجاد فرص تصديرية مناسبة، إلى جانب اهتمام الهيئة بتطوير قدرات المصدرين عبر تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية متنوعة.
بالإضافة إلى ذلك تولي "الصادرات السعودية" اهتمامًا كبيرًا لتمكين المصدرين ومعالجة التحديات التي تواجههم؛ مثل القيود الجمركية وغير الجمركية، والتحديات المالية واللوجستية، من خلال التعاون مع الجهات المعنية لإيجاد حلول عملية تعزّز من إمكانيات الشركات في الوصول إلى الأسواق الصينية بنجاح.
وتعدّ هذه الجهود امتدادًا لعدد من الخدمات والمبادرات التي تقدّمها "الصادرات السعودية" لتحقيق النمو المستدام في صادرات المملكة غير النفطية؛ حيث توظف إمكاناتها كافة نحو تشجيع الخدمات والمنتجات السعودية، والرفع من تنافسيتها لتصل إلى الأسواق الدولية بما يعكس مكانة المنتج السعودي، ولتكون رافدًا للاقتصاد الوطني بشكل يحقّق أهداف "الصادرات السعودية"، ويترجم لرؤية المملكة 2030م، ويلبّي تطلعات القيادة الرشيدة نحو تنويع مصادر الدخل للاقتصاد الوطني.
يشار إلى أنّ جهود "الصادرات السعودية" تعدُّ استكمالًا لجهود المملكة في تعزيز العلاقات السعودية الصينية؛ حيث استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في عام 2016م رئيس جمهورية الصين الشعبية "شين جين بينغ"، ووُقّع خلال الزيارة العديدُ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين حكومتَي المملكة والصين؛ منها مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن 21، والتعاون في الطاقة الإنتاجية.
كما تعزّزت العلاقات السعودية الصينية بشكل كبير في 2019م، إثر زيارة صاحب السموّ الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى جمهورية الصين الشعبية؛ حيث استعرضت اللقاءاتُ الجهودَ التنسيقية المشتركة المبذولة لتعزيز التعاون بين المملكة والصين؛ ممّا يعكس عمق العلاقات والشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات.