سجلت أسعار النفط العالمية، أمس، أسوأ أسبوع لها منذ عام 2011 بسبب الانتشار المتسارع لفيروس كورونا المتحور "كوفيد 19"؛ ما يعزز التكهنات بأن "أوبك+"، التي تضم منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وحلفاء من خارج المنظمة، ستتوصل إلى اتفاق لدعم الأسعار.
وذكرت وكالة أنباء "بلومبيرج" أن أسعار النفط في العقود الآجلة في بورصة نيويورك، سجلت تراجعًا لليوم السابع على التوالي، بعدما دفعت المخاوف المتنامية من انتشار الفيروس أسهم بورصة "وول ستريت" إلى أكبر هبوط لها خلال عقد.
وفي ظل انخفاض أسعار النفط بنحو 14 في المائة الأسبوع الماضي، ثمة إشارات باقتراب "أوبك+" من التوصل إلى اتفاق بشأن تحرك لوقف نزيف الأسعار قبل اجتماع مقرر في العاصمة النمساوية فيينا الأسبوع الحالي.
وبحسب "رويترز": تراجع سعر خام مزيج برنت القياسي إلى 49.42 دولارًا، بانخفاض يبلغ 2.36 سنت؛ أي 4.56 في المائة، بينما هبط برميل غرب تكساس الوسيط إلى 44.33 دولارًا، بانخفاض يبلغ 2.70 سنت، أي 5.84 في المائة.
وقال مسؤول رفيع في "أوبك": "إن المنظمة وحلفاءها يُظهرون التزامًا مجددًا بالتوصل إلى اتفاق، في الوقت الذي يتجه فيه الاقتصاد العالمي إلى أسوأ أداء له منذ عام 2019".
ووفقًا لـ"بلومبيرج": فإن هناك جانبًا إيجابيًّا بالنسبة إلى الأسواق العالمية؛ حيث إن أسعار النفط في الوقت الحالي لا تعد مفيدة اقتصاديًّا بالنسبة إلى منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.
ويقول هويي لي، الخبير الاقتصادي في مجموعة "أوفيرسيز تشاينيز بانكينج جروب" المصرفية في سنغافورة: "مهما كان الانخفاض المتوقع في الإنتاج الأسبوع الحالي، فسيكون قليلًا جدًّا ومتأخرًا جدًّا؛ حيث إن أسعار النفط قد تراجعت على نحو سريع".
وأضاف لي: أنه "في حال أقدمت "أوبك +" على خفض الإنتاج بواقع مليون برميل يوميًّا، فقد يدعم هذا الأسعار قليلًا، لكن أي أمر آخر قد يسبب خيبة أمل".
ويتوقع بنك "يو.بي.إس" السويسري تعافي "برنت" إلى 64 دولارًا للبرميل في النصف الثاني من 2020، بفعل التعافي الاقتصادي وتباطؤ نمو الإنتاج الأمريكي وتخفيضات إضافية من "أوبك"، إلا أنه من المتوقع أن تظل أسعار النفط متذبذبة في المدى القريب.
وخلص استطلاعٌ للرأي أجرته "رويترز" إلى أن أسعار النفط ستتعرّض لضغوط هذا العام، في الوقت الذي يؤثر فيه انتشار فيروس كورونا في الاقتصاد والطلب العالميين؛ ما يلقي بظلاله على جهود "أوبك" للحد من الإنتاج من أجل دعم الأسواق.
ويتوقع المسح الذي شمل 42 اقتصاديًّا ومحللًا، أن خام برنت سيبلغ في المتوسط 60.63 دولارًا للبرميل في 2020؛ ما ينطوي على انخفاض بنحو 5 في المائة عن توقعات الشهر الماضي عند 63.48 دولارًا.
وبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي 59.80 دولارًا منذ بداية العام حتى الآن، تراجع النفط نحو 30 في المائة عن مستويات مرتفعة بلغها في يناير؛ إذ هبط الخام الأمريكي لما دون 50 دولارًا للبرميل بعد أن أضرّ الفيروس بالطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، وأثار مخاوف حيال فائض في المعروض العالمي.
وتعتقد "كارولين بين" المحللة لدى "كابيتال إيكونوميكس"، أنه من المتوقع "في الربع الأول أن تضغط اضطرابات اقتصادية ناجمة عن التفشي بشدة على طلب وأسعار النفط".
ويتوقع محللون الإعلان عن زيادة في خفض الإنتاج من جانب منظمة أوبك وحلفائها بقيادة روسيا في فيينا، يومي الخامس والسادس من مارس.
ومن بين 37 مشاركا شملهم استطلاعا يناير وفبراير، خفض 25 توقّعاتهم لبرنت في 2020، ويتوقّع المحلّلون نمو الطلب العالمي على النفط بنحو 0.7 مليون إلى 1.1 مليون برميل يوميًّا هذا العام، مقارنة بتوقعات الشهر الماضي عند ما بين 0.8 مليون و1.5 مليون برميل يوميًّا.
ويتوقّع الاستطلاع أن يبلغ متوسط الخام الأمريكي الخفيف 55.75 دولارًا للبرميل في 2020، انخفاضًا من متوسط توقعات عند 58.22 دولارًا في يناير.
وأفادت 4 مصادر مطّلعة على محادثات بأن عددًا من الأعضاء الرئيسين في "أوبك" يميلون صوب خفض أكبر لإنتاج النفط مقارنة بما كان متوقعًا في السابق، في ظل تراجع أسعار النفط إلى 50 دولارًا للبرميل بفعل مخاوف من أن تفشي فيروس كورونا سيؤثر سلبًا بشدة في الطلب.
وقالت المصادر: "إن المنتجين يدرسون الاتفاق على خفض للإنتاج بمقدار مليون برميل يوميًّا في الربع الثاني من 2020؛ ما يزيد على خفض أولي مقترح بواقع 600 ألف برميل يوميًّا.
وانخفض النفط بنحو 25 في المائة منذ بداية العام بفعل تراجع الطلب وتباطُؤ متوقّع في النمو الاقتصادي؛ ما يقلق أعضاء "أوبك".
وتكبح منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفاء من بينهم روسيا؛ إنتاج النفط بمقدار 1.7 مليون برميل يوميًّا بموجب اتفاق يستمر حتى نهاية مارس.
وفي استجابة أولية لمواجهة تأثير الفيروس في سوق النفط، أوصت لجنة منبثقة عن "أوبك+" هذا الشهر بأن ترفع المجموعة تخفيضاتها للإنتاج بمقدار 600 ألف برميل يوميًّا، وهو رقم يعدّه البعض في المجموعة غير كاف حاليًّا.
وقال مصدران في "أوبك": "إن هناك حاجة إلى تحرك إضافي أكثر وضوحًا مما كانت عليه حين صدرت توصية لجنة "أوبك+"، وذكر مصدر في القطاع ناقش المسألة مع بعض المنتجين "الوضع تدهور.. هناك كثير من القلق".
وكان ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي، ذكر نهاية الأسبوع المنصرم، أن بلاده "راضية جدًّا" بتعاونها مع السعودية وتريد مواصلته في إطار تحالف "أوبك"، والمنتجين من خارجها، وكذلك بشكل ثنائي، وأشار مصدر في شركة نفط روسية إلى أنه من المنطقي زيادة التخفيضات.