السعودية تعزز تعاونها الصناعي مع الصين وسنغافورة وتبحث توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر إبراهيم الخريف
وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر إبراهيم الخريف
تم النشر في

يرأس وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريف، وفد منظومة الصناعة والتعدين، في الجولة الاقتصادية لشرق آسيا، ابتداء من جمهورية الصين الشعبية، تليها جمهورية سنغافورة، خلال الفترة من 1 إلى 8 سبتمبر المقبل؛ وذلك لتعزيز الروابط الثنائية وجذب الاستثمارات النوعية إلى المملكة، والبحث عن فرص استثمارية متبادلة في القطاع الصناعي.

وسيزور الوفد خلال جولته، سنغافورة والمناطق الصناعية المتقدمة في الصين؛ بما في ذلك مدينة غوانغزو ومنطقة هونج كونج الإدارية، وتتماشى هذه الزيارة مع أهداف رؤية المملكة 2030 لتنويع الاقتصاد وتحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة على مستوى العالم.

وسيشارك الوفد في اجتماعات استراتيجية رفيعة المستوى مع كبار المسؤولين الحكوميين من مختلف الوزارات في الصين وسنغافورة، كما سيلتقي مع الشركات العالمية الرائدة في صناعة السيارات، والأتمتة والحلول التقنية، إضافة إلى القطاعات الصناعية الاستراتيجية الأخرى، وستشمل الاجتماعات الرئيسية في غوانغز، واجتماعات مع مجموعة (GAC Group) لصناعة السيارات، وشركة جنرال ليثيوم لتصنيع بطاريات السيارات، إلى جانب اجتماع مع شركة هواوي الصينية عملاق الاتصالات والحلول الذكية في العالم.

ويجتمع الوفد في هونغ كونغ بالرئيس التنفيذي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية، وبوزارة التجارة والصناعة، ومكتب الابتكار والتكنولوجيا والصناعة، ومركز التعاون البحثي العالمي InnoHK، إضافة إلى زيارة لموانئ هتشيسون، واتحاد صناعات هونغ كونغ (FHKI).. كما سيتم الاجتماع مع شركة Cyberport البارزة عالميًّا في الحلول التقنية المتقدمة، ومجموعة جونسون للكهرباء، وغيرها من الشركات التجارية والصناعية المهمة.

ويشمل جدول الزيارة في سنغافورة: لقاء نائب رئيس الوزراء ووزير التنسيق للسياسات الاقتصادية، ووزير التجارة والصناعة، ووزير القوى العاملة، واجتماعًا مع وكالة العلوم والتكنولوجيا والبحوث (A*STAR)، واتحاد الصناعات التحويلية في سنغافورة (SMF)، وزيارة ميناء تواس الذي يُعد أكبر ميناء إلى في العالم، وغيرها من الوزارات والشركات.

وترتبط المملكة بعلاقات استراتيجية متينة مع الصين تمتد لأكثر من 80 عامًا، شهدت نموًّا متسارعًا خلال العقد الأخير في شتى المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية وغيرها.

وتُعَد الصين أكبر شريك تجاري للمملكة يعكس ذلك حجم التبادل التجاري الذي فاق 100 مليار دولار خلال عام 2023م، وشملت الاستثمارات الصينية في السعودية خلال عام 2023، استثمارات بقيمة 5.6 مليارات دولار في قطاع تصنيع المعدات الأصلية للسيارات، واستثمارات يبلغ حجمها 5.26 مليارات دولار في قطاع المعادن؛ فيما بلغ حجم الاستثمار في قطاع أشباه الموصلات 4.26 مليارات دولار، كما تُعَد الصين أكبر مصدر في العالم؛ إذ بلغ إجمالي قيمة تجارتها الدولية أكثر من 591 مليار دولار، يضاف إلى ذلك التقارب الثقافي الكبير بين المملكة والصين الذي نتج عنه اعتماد تدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية.

وتتمتع هونغ كونغ التي تُعَد منطقة إدارية خاصة للصين، بعلاقات اقتصادية متميزة مع المملكة؛ حيث بلغ إجمالي حجم الصادرات السعودية غير النفطية إليها نحو 267 مليون دولار خلال عام 2023م؛ أبرزها المعادن العادية ومصنوعاتها والأجهزة الطبية؛ فيما يقارب حجم الواردات من هونغ كونغ نحو 1.78 مليار دولار في ذات العام، وأبرزها الجلد والمواد النسيجية والمصنوعات المرتبطة بها.

من ناحية أخرى، تُعتبر سنغافورة من البلدان المتقدمة اقتصاديًّا وصناعيًّا؛ حيث يعد اقتصادها من أكثر اقتصادات العالم تنافسية، وتُعد سنغافورة أنموذجًا فريدًا لتطوير القدرات البشرية، والاستفادة من الحلول التقنية والأتمتة في قطاعاتها الاقتصادية المختلفة؛ مما يعزز من وجود فرص مشتركة بين المملكة وسنغافورة للاستثمار في قطاعات الحلول التقنية وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والأتمتة في القطاع الصناعي واللوجستي، وخاصة أن المملكة تعمل على مبادرة مهمة لـ"مصانع المستقبل"، تستهدف أتمتة 4 آلاف مصنع، من خلال تحويل تلك المصانع من الاعتماد على العمالة الكثيفة ذات الأجور والمهارات المنخفضة إلى الكفاءة التشغيلية والأتمتة وتطبيق الحلول والممارسات الصناعية المتقدمة؛ وفقًا لمعايير عالية تحقق كفاءة الإنتاج، وتحسن ربحية هذه المصانع وتعزز تنافسيتها، كما تربط بين البلدين علاقات اقتصادية مهمة؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري نحو 12 مليار دولار خلال عام 2022، وتعد منتجات الصناعات الكيماوية الأعلى تصديرًا إلى سنغافورة.

ويعد قطاع صناعة السيارات من أبرز القطاعات الواعدة التي ركزت الاستراتيجية الوطنية للصناعة على تطويرها، ونقل المعرفة والحلول الابتكارية والتقنيات المتقدمة إليها، وتصنف السوق السعودية على أنها من أهم أسواق السيارات في المنطقة؛ حيث تمثل مبيعاتها في المملكة 40% من إجمالي المبيعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأصدر العام الماضي ترخيصًا لأول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية "سير".

وتم افتتاح أول مصنع في المملكة لصناعة المركبات الكهربائية "لوسد"؛ حيث تستهدف المملكة صناعة أكثر من 300 ألف سيارة سنويًّا بحلول عام 2030، كما أبرمت شركة (سير- Ceer) التي تُعَد مشروعًا مشتركًا بين مجموعة فوكسكون للتكنولوجيا التايوانية وصندوق الاستثمارات العامة السعودي، اتفاقية بقيمة (1.3 مليار دولار) لبناء مجمع سيارات كهربائية في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، من المقرر أن يبدأ إنتاجه بحلول عام 2025.

وتتوافق زيارة وفد منظومة الصناعة والثروة المعدنية إلى الصين مع مستهدفات المملكة بأن تصبح مركزًا محوريًّا لصناعة السيارات في المنطقة، ورائدة في الحلول المبتكرة لصناعة مركبات صديقة للبيئة بشكل خاص، ومنها السيارات الكهربائية التي أطلقت المملكة مشروعات مهمة لصناعتها.

كما أجرت مباحثات الشهر الماضي مع جمهورية تشيلي التي تُعَد ثاني أكبر دولة منتجة لمعدن الليثيوم في العالم، تستهدف تعزيز التعاون في مجال إنتاج هذا المعدن المكون الأساسي لبطاريات السيارات الكهربائية.

وفي قطاع التقنية والأتمتة، تُعَد التجربة السعودية مثار إعجاب العالم إذ قفز هذا القطاع قفزات متلاحقة خلال العقد الأخير، وتستمر جهود المملكة في مجال نقل المعرفة والابتكار والحلول التكنولوجية إلى كافة قطاعاتها التنموية، فسيتضمن جدول الزيارة اجتماع الوفد بعدة شركات رائدة عالميًّا في قطاع الأتمتة وحلول التكنولوجيا، يشمل ذلك لقاءً بمسؤولي شركة هواوي الصينية البارزة في قطاع التقنية والاتصالات؛ لبحث فرص التعاون في مجال الحلول الذكية المبتكرة، وتعد شركة Huaweiالتي تأسست عام 1987م؛ من الشركات الكبرى في العالم رائدة في مجال توفير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأجهزة الذكية، وتصل منتجاتها الذكية أسواق 170 دولة حول العالم.

وتستهدف المملكة استقطاب استثمارات نوعية في 12 قطاعًا صناعيًّا واعدًا ركزت الاستراتيجية الوطنية للصناعة على تطويرها، وفي مقدمتها قطاعات السيارات والأدوية والأغذية، معتمدة على بيئة استثمارية محفزة في قطاعها الصناعي؛ حيث قطعت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، شوطًا كبيرًا في تحسين البيئة التنظيمية والتشريعية للقطاع الصناعي، وتوفير بيئة محفزة للاستثمارات وحماية القدرة التنافسية، مع حزمة من الممكنات تقدّمها جهات منظومة الصناعة والثروة المعدنية تسهل على المستثمر ممارسة الأعمال.

بالإضافة إلى ذلك، تتمتع المملكة بنسبة كبيرة من الشباب؛ حيث يشكل الشباب تحت سن 30 عامًا ثلثي السكان، كما تتميز بقوى عاملة نشطة مدعومة باستثمارات حكومية كبيرة في التعليم وتنمية القدرات البشرية، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي والبنية التحتية القوية والحوافز الاستثمارية الجذابة؛ مما يجعلها وجهة استثمارية رائدة للشركات الصينية والسنغافورية.

ويُتوقع أن تؤدي الزيارة إلى الصين وسنغافورة إلى توقيع شراكات تعزز العلاقات الثنائية، ومن المتوقع أن تركز هذه الشراكات على تعزيز النمو المتبادل من خلال الاستثمارات المشتركة النوعية، والتنمية المستدامة والتنويع الاقتصادي، وخاصة في القطاعات الصناعية الاستراتيجية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org