إيقاف أمريكا لرفع الفائدة و"الدومينو".. تفاصيل سيناريوهات ما بعد سقوط "سيلكون فالي"!

ذُعر ينتاب المستثمرين خاصة قطاع التكنولوجيا.. و"الفيدرالي" يتحرك لطمأنة الأسواق
إيقاف أمريكا لرفع الفائدة و"الدومينو".. تفاصيل سيناريوهات ما بعد سقوط "سيلكون فالي"!
تم النشر في

أثارت أزمة انهيار بنك سيلكون فالي، الذي يأتي في المرتبة الـ16 بين أكبر البنوك في الولايات المتحدة الأمريكية بأصول تصل إلى 210 مليار دولار، حالةً من الذعر بالأسواق؛ معيدًا للأذهان أزمة إفلاس "ليمان براذرز" التي أشعلت الأزمة المالية العالمية في العام 2008.

وأمام هذا الذعر الذي انتاب المستثمرين في الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها -لا سيما قطاع التكنولوجيا والشركات الناشئة- يتحرك الفيدرالي الأمريكي لاتخاذ إجراءات هادفة للسيطرة على الموقف وطمأنة الأسواق.

وتتركز المخاوف حول "تأثير الدومينو" على القطاع المصرفي بالولايات المتحدة، مع احتمالية أن تكون هناك بنوك أخرى مرشحة للانهيار؛ لا سيما بعد أن أعلنت إدارة الخدمات المالية بولاية نيويورك، الأحد، عن أنها أغلقت أيضًا "بنك سيغنتشر" وألحقت صفة المستلم بالمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع؛ وذلك في ثاني حالة إفلاس لبنك في غضون أيام.

وللتعامل مع تلك المخاوف، تتدخل الحكومة الأمريكية بشكل سريع لحماية قطاع البنوك، وأصدر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ووزيرة الخزانة جانيت يلين ورئيس مجلس إدارة مؤسسة التأمين الفيدرالية مارتن غروينبيرغ، بيانًا مشتركًا، كان أبرز ما فيه: "اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الاقتصاد الأمريكي، لتعزيز ثقة المتعاملين بالجهاز المصرفي، وأن الاحتياطي الفيدرالي سيقدم قروضًا تصل إلى عام واحد للبنوك وجمعيات الادخار والاتحادات الائتمانية والمؤسسات الأخرى، بضمانات عالية، وستقدم وزارة الخزانة حزمة مالية قيمتها 25 مليار دولار من صندوق استقرار الصرف على سبيل الدعم لأي خسائر محتملة من برنامج التمويل".

وأكدت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، الأحد، أن الحكومة تريد تجنب تأثير إفلاس بنك سيلكون فالي على بقية النظام المصرفي. وقد استبعدت واشنطن إنقاذ المؤسسة عبر ضخ أموال عامة فيها، لكنها أكدت في المقابل أنها ستحمي كل ودائعها.

وضع مختلف عن أزمة 2008

الرئيس التنفيذي لمجموعة VI Markets، طلال العجمي، يشير في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن الوضع الراهن "مختلف تمامًا عن الأزمة المالية العالمية 2008"، موضحًا أن "أسباب انهيار سيلكون فالي ليست هي نفس الأسباب التي أدت لانهيار ليمان براذرز ولا حتى قريبة منها".

ويتابع: "المشكلة بالنسبة لسيلكون فالي هي أن البنك كان يسهّل فتح الحسابات والودائع للشركات الناشئة، وكانت لديه أخطاء في إدارة فترات استحقاق الأصول مع فترات استحقاق الالتزامات".

وحول مدى تأثير أزمة إفلاس SVB على قطاع البنوك بالولايات المتحدة الأمريكية، يعتقد "العجمي" أنه "إذا زاد الهلع لدى العملاء وحدثت عمليات سحب كبيرة، فبالتأكيد هناك بنوك كثيرة سوف تتضرر؛ لأن السيولة صعبة في ظل فائدة مرتفعة الآن"؛ لكنه يلفت بموازاة ذلك إلى تدخل الفيدرالي "في محاولة لتهدئة الناس والعملاء والمستثمرين".

ويشير إلى أن "تأثير SVB قد يكون كبيرًا جدًّا؛ على اعتبار أن 50% من الشركات الناشئة في الولايات المتحدة تقريبًا لديها حسابات فيه، ومن ثم يمكن أن تدخل هذه الشركات في إفلاسات وتسريحات يمكن أن تطال قطاعات أكثر، ولذلك نرى تدخلًا فوريًّا من الفيدرالي مع وضع حزمة مالية لمنع تفاقم الأزمة".

ويتحدث الرئيس التنفيذي لمجموعة VI Markets عن التبعات المحتملة لأزمة إغلاق سيلكون فالي، على قرارات الفيدرالي الأمريكي؛ مشيرًا إلى أنه "من الممكن أن يتراجع الفيدرالي عن خطته لاستمرار رفع الفائدة، ولو أعلن عن إيقاف رفع الفائدة فهذا القرار سيطمئن الأسواق بشكل كبير.. ونلاحظ أن احتمالات عدم رفع سعر الفائدة في مارس ارتفعت وأصبحت تسجل 20% اليوم بعد ما حدث؛ فيما كانت الاحتمالات ذاتها منعدمة قبل أزمة سيلكون فالي".

وكان بنك غولدمان ساكس قد قال في مذكرة بحثية الأحد: إن من غير المتوقع أن يرفع البنك الفيدرالي الفائدة الأسبوع القادم، بسبب الضغوط التي يتعرض لها النظام المصرفي بعد التداعيات الأخيرة.

وشكّل استمرار رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة سببًا من الأسباب المؤثرة بشكل مباشر على SVB والمؤدية لانهياره؛ وهو ما يشير إليه مدير مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، والذي يعتقد أن "مشاكل البنك تنبع في اعتقاده بأن أسعار الفائدة طويلة الأجل ستظل منخفضة بينما كان في نفس الوقت يجتذب المليارات من الودائع من قطاع التكنولوجيا؛ حيث قامت العديد من شركات رأس المال الاستثماري وصناديق التحوط، بإيداع رأس المال الذي جمعته".

وبالتالي ومع رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة "تراكمت قيمة السندات في الميزانية العمومية للبنك في خسائر غير محققة بالمليارات"، وشهد البنك زيادة كبيرة في عمليات السحب من المودعين هذا العام، وأحدثت الخسائر الكبيرة في مبيعات محفظته من الأوراق المالية فجوة في الميزانية العمومية تسببت في انهياره المدوي في غضون يومين فقط في الأسبوع الماضي؛ إذ تهافت عملاؤه -ومعظمهم من شركات التكنولوجيا حديثة العهد بالقطاع- إلى سحب ودائعهم منه.

وتشير تحليلات مركز كوروم للدراسات في لندن، إلى أنه "من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت بنوك أخرى ستواجه نفس المصير".

أسباب "داخلية" للانهيار.. والقطاع المصرفي مستقر

وتعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأحد، بمحاسبة المسؤولين عن إفلاس بنكيْ "سيلكون فالي" و"سيغنتشر بنك"، وأضاف عبر تويتر: "يمكن للشعب الأمريكي والشركات الأمريكية أن يثقوا في أن ودائعهم المصرفية ستكون موجودة عندما يحتاجون إليها".

من جانبه، يشير المحلل الأمريكي المستشار السابق بوزارة الخارجية، حازم الغبرا، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن كلًّا من سيلكون فالي وسيغنتشر يمثلان بنوكًا غير اعتيادية، وظروف وعوامل إغلاقهما مختلفة.

ويوضح أن "سيلكون فالي" SVB كان يركز على شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة، وكان يخوض منافسة شديدة على تمويل تلك الشركات من خلال تقديم دعم مادي كبير لها بضمانات أقل، وبرغم عدم توافر تقييم عال لتلك الشركات التي هي في طور النمو، ومن ثم "كان هناك نوع من سوء الإدارة فيما يخص تمويل شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة، وكان ذلك السبب الرئيسي ضمن أسباب انهيار البنك، وفي ضوء عدم تنوع استثماراته".

أما بالنسبة لبنك سيغنتشر، فيشير "الغبرا" إلى أنه كان ينشط في تمويل الشركات العاملة في أنشطة العملات الرقمية، وقد تأثر بالخسائر التي منيت بها تلك العملات خلال العام الماضي، وفي ظل إفلاس شركات عاملة في هذا القطاع، ومن بينها "إف تي إكس" على سبيل المثال.

ويتابع: "إغلاق سيلكون فالي وسيغنتشر لا يعني أن ثمة أزمة بقطاع البنوك"؛ مشيرًا إلى تدخل الحكومة الفيدرالية للتعامل مع الأزمة الحالية؛ مؤكدًا أنه منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 وحتى الآن هناك تركيز كبير على صحة البنوك حتى لا تتكرر عوامل الأزمة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org