

أكد عميد كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود الدكتور سلمان العتيبي أن ميزانية المملكة العربية السعودية لعام 2026 تعكس توجهًا استراتيجيًا راسخًا نحو ترسيخ القطاع السياحي كأحد المحركات الرئيسية في تشكيل ملامح الاقتصاد الوطني الجديد، مشيرًا إلى أن النجاحات التي حققتها المملكة خلال عام 2025 وضعتها في صدارة المشهد السياحي العالمي.
وأوضح "العتيبي" في تصريحاته لـ"سبق" أن المملكة حققت خلال الربع الأول من 2025 أعلى معدل نمو في إيرادات السياحة الدولية على مستوى العالم، وسجّلت زيادة قياسية بلغت 102% في أعداد السياح الدوليين مقارنة بعام 2019، متجاوزة متوسط النمو العالمي البالغ 3% فقط، وقال: "هذه الأرقام تؤكد أن السياحة السعودية لم تعد قطاعًا ناشئًا، بل أصبحت ركيزة محورية من ركائز الاقتصاد الوطني".
وأضاف أن ميزانية 2026 تعكس حجم الرهان على القطاع من خلال مستهدفات طموحة، أبرزها وصول الإنفاق السياحي إلى 351 مليار ريال، وارتفاع حجم التوظيف ليبلغ حتى الربع الثالث من 2025 نحو مليون وظيفة تمثل 85% من المستهدف السنوي، مبينًا أن "السياحة اليوم من أكثر القطاعات قدرة على خلق وظائف نوعية وتعزيز توطين المهن".
وأشار "العتيبي" إلى التحسن اللافت في بند السفر ضمن ميزان المدفوعات، حيث سجّل فائضًا بلغ 32.2 مليار ريال خلال النصف الأول من 2025، وهو تحول يعكس نجاح المملكة في جذب السياح الدوليين وتقليل تسرب الإنفاق إلى الخارج.
كما شهدت منظومة التراخيص نموًا غير مسبوق، إذ وصلت تغطية تراخيص مرافق الضيافة إلى 98%، فيما تم إصدار 3,773 رخصة جديدة منذ بداية 2024، وارتفعت تصاريح الضيافة الخاصة إلى 30,412 تصريحًا بنسبة نمو قياسية بلغت 1183%.
وفي جانب تمكين المستثمرين ورواد الأعمال، أكد "العتيبي" أن صندوق التنمية السياحي أسهم بدور محوري من خلال تمويل أكثر من 147 منشأة متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة بقيمة تجاوزت 187 مليون ريال، وهو ما يدعم بناء اقتصاد سياحي متنوع تقوده المشاريع الريادية المحلية.
وأشار كذلك إلى أن المملكة تستعد لتنظيم أكثر من 13 فعالية رياضية عالمية في 2026، ما يعزز تكامل السياحة مع قطاعي الرياضة والترفيه ويوسّع شرائح الزوار القادمين من مختلف دول العالم.
وأفاد بأن عدد السياح المحليين والدوليين بلغ 60.9 مليون سائح حتى منتصف 2025، وهو ما يعكس الارتفاع الكبير في جودة التجربة السياحية، وتطور البنية التحتية، وتنوع الوجهات داخل المملكة.
ولفت إلى أن الاستثمار المتواصل في مشاريع التراث والآثار أسهم في رفع الطاقة الاستيعابية للمواقع التاريخية والارتقاء بتجربة الزوار، تمهيدًا لتحويلها إلى محركات اقتصادية وثقافية مستدامة.
وأشار "العتيبي" إلى أن مشاريع المملكة الكبرى، وفي مقدمتها الدرعية والبحر الأحمر والقدية، أصبحت منصات سياحية عالمية تعيد صياغة صورة المملكة وتمنحها تفردًا في المنافسة الدولية، من خلال مزيج فريد من التجارب الثقافية والطبيعية والترفيهية ذات الجودة العالية.
واختتم حديثه لـ"سبق" مؤكدًا أن ميزانية المملكة لعام 2026 لا تعزز السياحة بوصفها قطاعًا اقتصاديًا قائمًا فحسب، بل تؤسس لمرحلة جديدة تُبنى فيها صناعة سياحية متقدمة تشكّل جزءًا رئيسيًا من الاقتصاد الوطني الجديد، وتدعم تنويع مصادر الدخل، وخلق الوظائف، وتعزيز المكانة العالمية للمملكة.