على طريق التحرر من قبضة النفط على الاقتصاد، بتنويع مصادر الدخل كأحد أهداف رؤية 2030 التي أرست المملكة العربية السعودية قواعدها، وأسست بنيانها على ركائز ثابتة، أثبتت تلك السياسة الجديدة قدرتها على جني ثمار فورية، جعلت من الاقتصاد السعودي الأسرع نموًا في العالم.
وفي ظل الدفعة المتمثلة في المشاريع الجارية في جميع أنحاء المملكة مما أدى إلى زيادة حادة في الإنتاج والطلبيات الجديدة للشركات بالإضافة إلى زيادة الطلب على العمالة؛ تحسنت الظروف الاقتصادية في قطاع الأعمال غير النفطي في المملكة، مما قاد الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة إلى النمو بأسرع وتيرة منذ عام 2021.
وكشف تقرير سابق لـ"بلومبرغ"، أن السعودية محصنة من المشاكل الاقتصادية العالمية؛ بسبب السياسة الجديدة التي انتهجها البلد الخليجي، بتنويع مصادر النفط، مما منح قبلة الحياة لقطاع الأعمال غير النفطي، ووضعه على الطريق الصحيح.
وقالت الوكالة الأمريكية، في تقريرها الصادر أواخر يناير الماضي، إن الاقتصاد السعودي غير النفطي قفز بنسبة 6.2%، ونما بأسرع معدل منذ أكثر من عام، متجاوزة الهند.
وأضافت أن الاقتصاد غير النفطي في السعودية، وهو محرك خلق فرص العمل، نما بأسرع وتيرة منذ أكثر من عام، مشيرة إلى أنه ساعد المملكة على تسجيل أسرع نمو إجمالي بين الاقتصادات العالمية الكبرى.
وأظهرت التقديرات السعودية أن الاقتصاد نما بشكل عام بنحو 8.7% العام الماضي، بحسب "بلومبرغ"، التي قالت إن هذا يتساوى مع تقديرات صندوق النقد الدولي، والتي تظهر أيضًا أن المملكة تسجل أسرع نمو اقتصادي بين الاقتصادات الكبرى في العالم، تليها الهند بنسبة 6.8%.
وفي أحدث المؤشرات التي تدل على نجاعة الطريق الذي تمضي فيه المملكة، قالت الهيئة العامة للإحصاء، يوم الخميس: إن الاقتصاد السعودي نما 5.5% في الربع الرابع من 2022 مقارنة بالفترة نفسها قبل عام، مشيرة إلى أن الأنشطة غير النفطية عززت إجمالي النمو.
وأظهرت تقديرات للهيئة العامة للإحصاء في المملكة التي نشرت الخميس، أن الاقتصاد غير النفطي للسعودية نما بنسبة 6.2% سنويًا خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهو أعلى مستوى منذ الربع الثالث من عام 2021، فيما نما قطاع النفط بنسبة 6.1%، خلال نفس الفترة بفضل ارتفاع أسعار الخام العالمية.
وشكّلت أنشطة النفط والغاز أقل من 30% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع، إذ واصلت مساهمة القطاعات بخلاف النفط والغاز اكتساب الزخم، بحسب التقرير المحلي.
وأسهمت أنشطة الخدمات الحكومية بنسبة 15.2%، من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع، وهي ثاني أكبر المساهمات بعد النفط والغاز.
وقالت وكالة "رويترز"، إن المملكة سرعت الاستثمارات في مشروعات ومبادرات ضخمة لتحقيق أهداف رؤية 2030، الهادفة إلى التحول الاقتصادي، مشيرة إلى أن السعودية تتوقع أن تسجل نموًا في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 6% أو أكثر على مدار السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.
وأعلنت "أرامكو" أكبر شركة منتجة للنفط في العالم أنها تتطلع إلى معالجة تأثير التضخم واستخدام مكاسبها النفطية غير المتوقعة لتسريع تطوير مشروعات التنويع الاقتصادي، نقلت الوكالة الأمريكية عن مسؤولين قولهم، إن السعودية ستستخدم الفائض لتجديد احتياطياتها، وإجراء تحويلات إضافية إلى صناديق الثروة السيادية، وتعزيز الإنفاق على المشاريع التي تهدف إلى المساعدة في تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على مبيعات النفط الخام.
وأثمرت هذه السياسة عن نمو نشاط قطاع الأعمال غير النفطي في السعودية إلى أعلى مستوى له منذ ثماني سنوات في فبراير الماضي، معتمدا على زيادة قوية في الطلب وتوقعات اقتصادية متفائلة، بحسب مسح أجرته "رويترز" قبل أيام.
وبحسب الوكالة، فإن مؤشر مديري المشتريات لبنك الرياض السعودي المعدل موسميًا قفز إلى 59.8 في فبراير من 58.2 في الشهر السابق، في أسرع معدل زيادة منذ مارس 2015.
وارتفع المؤشر الفرعي للطلبيات الجديدة إلى 68.7 الشهر الماضي في أعلى قراءة منذ أكثر من ثماني سنوات من 65.3 في يناير الماضي، مواصلًا اتجاهًا صعوديًا في الآونة الأخيرة بناء زخم الطلب القوي.
وسجل المؤشر الفرعي للإنتاج زيادة قوية، ليصل إلى 65.6 في فبراير من 63.6 في الشهر السابق، مما أدى إلى مزيد من التوسع في التوظيف والشراء.
وبحسب مسح "رويترز"، فإن تحسن الظروف الاقتصادية يقود الثقة في نشاط قطاع الأعمال في المستقبل على مدى الاثني عشر شهرًا المقبلة.
ترى مجلة "فوربس" الأمريكية أن الحكومة السعودية عملت على مدى العقد الماضي، بدعم من شركات الاتصالات الكبرى والشركات الصناعية الكبرى، على تطوير النظام البيئي للابتكار في البلاد، مشيرة إلى أن هذه الجهود بدأت تؤتي ثمارها.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن المملكة العربية السعودية باتت اليوم من بين أسرع الدول تحولًا في العالم، حيث تقوم بتنويع اقتصادها وإضافة قطاعات جديدة كاملة.
واستدلّت «فوربس» على رؤيتها بقولها، إن شركة أرامكو، (أكبر شركة في المملكة العربية السعودية)، منحت حوالي 100 براءة اختراع أمريكية فقط على مدى 77 عامًا حتى عام 2010.
وفي عام 2021، منحت شركة النفط والغاز العملاقة 864، فيما زادت في عام 2022 براءات الاختراع إلى 963، بحسب المجلة الأمريكية، التي قالت إن السعودية قفزت 15 مرتبة على مؤشر الابتكار العالمي 2022 الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وأشارت إلى أن السعودية احتلت المرتبة الثانية عالميًا بين دول مجموعة العشرين من حيث القدرة التنافسية الرقمية، وفقًا للمركز الأوروبي للتنافسية الرقمية، مؤكدة أن مقار خمس من أكبر 10 شركات ناشئة تمويلًا في الشرق الأوسط تتواجد الآن في المملكة، مقارنة باثنين في عام 2020 وواحد في عام 2017.
وأرجعت المجلة الأمريكية أسباب ذلك النمو إلى الاستدامة، مشيرة إلى أن المملكة العربية السعودية التزمت بالحصول على 50% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2030، مما سيمهد الطريق لتحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2060، بالإضافة إلى أن المؤسسة السعودية لتحويل المياه سجلت رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا لأدنى استهلاك للطاقة في محطة تحلية المياه 2.27 كيلو واط/ساعة للمتر المكعب.
يشار إلى أن الاستراتيجية السعودية، أثمرت 10 شركات باتت الأكثر ابتكارًا في المملكة، بالإضافة إلى 40 شركة من أكثر الشركات تقدمًا في المملكة.
وتنقسم الشركات إلى أربع فئات تماشيًا مع تطلعات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الوطنية وأولويات البحث والتطوير والابتكار للعقدين المقبلين: البيئة المستدامة وتزويد الاحتياجات الأساسية، والصحة، والطاقة والقيادة الصناعية، واقتصاديات المستقبل.
وحول الشركات الأكثر ابتكارًا في المملكة، قالت "فوربس" إنها تتضمن: أرامكو، سابك، الاتصالات السعودية، نيوم، معادن، المراعي، مصرف الراجحي، مجموعة دكتور سليمان الحبيب، أكوا باور، البنك الوطني السعودي.