برغبة صادقة، يُسارع قادة المملكة وتركيا الخطى نحو توثيق العلاقات بين البلدين في جميع المجالات، لإيمان القيادتين بإمكانية الارتقاء بالعلاقات الثنائية، وتعزيزها إلى الحد الذي يُرضي الطرفين والشعبين الصديقين.
وإذا كانت العلاقات بين الرياض وأنقرة تشهد تناميًا في جميع المجالات، إلا أن الاقتصاد كان الأبرز في تلك العلاقات، وهذا ما أثبتته السنوات الماضية، عندما عززت الدولتان جهودهما من أجل تطوير المشهد الاقتصادي، وأثمر ذلك عن تنامي الاستثمارات والمشروعات المشتركة بينهما، ما يؤكد في الوقت نفسه إمكانية تعزيز هذه العلاقات إلى أبعد مما وصلت إليه.
ويعود تأسيس العلاقات الرسمية بين السعودية وتركيا إلى عام 1929م، وطيلة ما يقرب من قرن اتسم الاتجاه العام للعلاقات بين البلدين بالتطور والنمو المطرد في مجالات اقتصادية كثيرة، وقد شهد التعاون الاقتصادي بين الدولتين انعطافة نوعية بتوقيعهما اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني عام 1973م.
وزاد حجم التبادل التجاري بينهما زيادة ملحوظة، استمرت في الارتفاع حتى تكلل التعاون الاقتصادي بين الرياض وأنقرة، بتأسيس مجلس الأعمال التركي السعودي في أكتوبر 2003م، لإدارة الشؤون الاقتصادية والاستثمارية بينهما إلى آفاق أوسع من الشراكة.
واستمر مجلس الأعمال التركي السعودي في عقد اجتماعاته بصفة دورية، ويشدد الجانبان على أهمية التعاون بينهما خلال الفترة المقبلة في ظل ما توفره رؤية المملكة 2030 من مشروعات طموحة في مجالات عديدة، كما توصلا إلى جملة من التفاهمات لتعزيز العلاقات الاقتصادية، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، بهدف الوصول إلى شراكات إستراتيجية تستهدف استغلال الفرص والإمكانات المتاحة، التي تزخر بها المملكة وتركيا في المجالات المختلفة.
وتتفق جميع الأوساط على أن تأسيس مجلس الأعمال التركي السعودي أسهم في الدفع بتطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث شهدت منذ ذلك الحين تطورًا سريعًا وملحوظًا، إذ أصبحت المملكة شريكًا اقتصاديًا مهمًا لتركيا، ومن ضمن أكبر 8 شركاء تجاريين لها على مستوى العالم. ويرى المسؤولون الأتراك أن هناك فرصة كبيرة لتطوير العلاقات الاقتصادية، لتشمل مجالات أخرى، وبخاصة في العقار والتقنيات الحديثة والمشروعات السياحية.
وقد نجحت بيئة الأعمال الجاذبة في المملكة خلال الفترة الأخيرة في استقطاب 390 شركة تركية للاستثمار في السوق السعودي برأس مال إجمالي بلغ 985.6 مليون ريال، وتنشط الشركات التركية في قطاعات عدة أهمها التشييد، والصناعة التحويلية، وتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم، وينتظر أن يكون لهذه الشركات دورها الكبير في مشروعات رؤية 2030 التي تحتاج إلى جهود الجميع، من شركات وطنية وأجنبية، وهي الفرصة التي لا تريد تركيا أن تتنازل عنها.