ترتبط السعودية والأردن بعلاقات قديمة وراسخة، اعتمدت على المصالح المشتركة، ورغبة قيادة البلدين الجادة في ترسيخها؛ لتصل إلى الحد الذي يرضي طموح الشعبين الصديقين، وتعزيز الرفاهية، وتأكيد المصالح المشتركة.
وتصدَّر الاقتصاد قائمة تلك العلاقات في العديد من المجالات، من بينها القطاع الطبي، والطاقة المتجددة، وصولاً إلى الربط الكهربائي بين البلدين.
وطبيًّا رسخ البلدان تعاونهما؛ ليشمل مشروع مدينة العلاج والتأهيل الطبي، بقيمة تقدر بنحو 320 مليون دولار، وكذلك إنشاء شركة سعودية-أردنية في مجال تطوير الخدمات الطبية، بقيمة تقارب 54 مليون دولار. وشهدت العلاقات بينهما تفعيل برنامج الطبيب الأردني الزائر إلى السعودية.
وتنظر الأردن باهتمام بالغ للتعاون الصحي مع السعودية؛ إذ تولي السياحة العلاجية جل الاهتمام والعناية ترجمة لتوجيهات الملك عبدالله الثاني. وتسعى حكومة عمَّان إلى اتخاذ جميع الإجراءات والترتيبات التي تكفل تشجيع السياحة العلاجية، وتعزيز مقومات نجاحها، وفي مقدمتها السمعة الطبية المرموقة التي يحظى بها القطاع الصحي الأردني.
ويفضل السعوديون العلاج في المستشفيات الأردنية والمراكز الطبية المتخصصة؛ لما تتمتع به من سمعة مرموقة.
في قطاع الطاقة دخلت شركة "أكوا باور" السعودية شريكًا في تنفيذ مشروع الريشة لتطوير وبناء وتشغيل محطة شمسية بقدرة 50 ميجاواط في منطقة الريشة شرق الأردن، بقيمة 70 مليون دولار. ويدعم المشروع سعي الأردن لزيادة قدراتها على توليد الطاقة المتجددة، والحد من اعتمادها على الواردات الهيدروكربونية المكلفة.
وتحالفت "أكوا باور" في المشروع مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية، واتفقتا على التشغيل والإنتاج التجاري لشركة الريشة لمشاريع الطاقة الشمسية الخاصة، وذلك بعد نجاح استكمال جميع الفحوصات التشغيلية وفحوصات الكفاءة الاختبارية المطلوبة قبل التشغيل التجاري.
وكانت شركة "أكواباور" قد وقَّعت اتفاقية شراء طاقة من شركة الريشة لمشاريع الطاقة الشمسية الخاصة مع شركة الكهرباء الوطنية عام 2017م؛ إذ قدمت "أكوا باور" حينها أدنى تعرفة للطاقة المتجددة على مستوى الأردن (0.042 دينار أردني/ كيلوواط). وجاء تأسيس شركة الريشة لمشاريع الطاقة الشمسية الخاصة في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة الأردنية لاستقطاب الاستثمارات، وضمان مساهمة الطاقة المتجددة بنسبة 20% من إجمالي مزيج الطاقة في المملكة الأردنية الهاشمية بحلول عام 2020.
وتقع المحطة في منطقة الريشة بمحافظة المفرق على بعد 300 كيلومتر شمال شرق العاصمة الأردنية عمان. وسيلبي المشروع احتياجات 12 ألف أسرة إلى الكهرباء سنويًّا، كما سيدعم جهود الأردن تجاه زيادة قدرته على إنتاج الطاقة المتجددة، وتقليل اعتماده على واردات الهيدروكربونات المكلفة، إضافة إلى تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو 1.5 مليون طن على مدار 20 عامًا.
ويولد المشروع نحو 115 جيجاواط/ ساعة سنويًّا من الطاقة الشمسية؛ وهو ما سيسهم في دعم النمو الاقتصادي بالأردن. وتحرص شركة الكهرباء الوطنية الأردنية على الوفاء بالتزامها بتطوير وتشغيل مشاريع الطاقة المتجددة، وتعزيز مستويات الكفاءة والاستقرار في المنظومة الكهربائية بالسعودية التي تُعد الأفضل من نوعها على مستوى المنطقة.
في مشاريع الربط الكهربائي وقَّعت السعودية والأردن في عام 2020 مذكرة تفاهم، وخلصت دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية إلى إمكانية تبادل الطاقة الكهربائية بين البلدين على مرحلتين، بواقع 500 ميجاوات لكل مرحلة، عن طريق مسار (القريات بالجانب السعودي مع شرق عمان مرورًا بالزرقاء بالجانب الأردني).
وأكدت الأردن أهمية المذكرة التي تتوافق أهدافها مع الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة للأعوام 2020-2030، بأن يكون الأردن مركزًا إقليميًّا لتبادل الطاقة بأشكالها كافة، خاصة أن المذكرة تشكل انطلاقة لمشاريع الربط الكهربائي العربي الشامل؛ إذ سيكمل الربط بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول المشرق العربي مع باقي الدول العربية في شمال إفريقيا، وسيعزز السوق الإقليمية لتجارة الكهرباء. ويحقق المشروع التكامل الطاقي العربي، ويُستفاد منه في تعزيز شبكة الاتصالات بين الدول العربية، خاصة في عهد الثورة الصناعية الرابعة، وتوجُّه العالم نحو التكنولوجيا الرقمية.
وجاء الربط الكهربائي بين الرياض وعمَّان تنفيذًا لتوجيهات القيادتَين الحكيمتَين في البلدَين الشقيقَين، ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة. وأكدت الدولتان أهمية الربط في تعزيز استقرارية الشبكة الكهربائية وتبادل الطاقة الكهربائية بينهما نظرًا لتفاوت أوقات ذروة الأحمال في الأردن والسعودية؛ الأمر الذي سيؤدي إلى التشغيل الاقتصادي الأمثل لمحطات التوليد فيهما.