يشكل قطاع الموانئ مرتكزًا مهمًّا في الرؤية السعودية التي أعادت تشكيل ورسم صورة اقتصادية أكثر وضوحًا أمام اضطرابات السوق العالمي، استطاع معها الاقتصاد السعودي إعادة تموضعه بين أقطاب الاقتصاد؛ فالهدف يتجاوز النفط إلى استثمار القدرات التي لدى المملكة سواء طبيعية أو جغرافية.
فالمملكة تقع بين ثلاث قارات؛ ما يعطيها موقعًا استثنائيًّا تستثمر فيه مسارات النقل الثلاثة، خاصة إذا تحدثنا عن المنظومة البحرية والخدمات اللوجستية التي تُقدم لحركة التجارة البحرية عبر الموانئ السعودية الكثير من أوجه الدعم؛ فالهدف أن تكون المملكة مركزًا لوجستيًّا عالميًّا، لترتفع معه مشاركة النقل البحري في الناتج المحلي من ٦٪ حتى ١٠٪.
ومثل تدشين الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية أحد أهم المحاور الرئيسة لرؤية ٢٠٣٠، بداية التحوّل للنهوض بالموانئ السعودية؛ فالمملكة تمتاز بموقع حيوي بإطلالتها على البحر الأحمر والخليج العربي، فتضاعفت الطاقة البشرية في الموانئ، ورُفعت كفاءة التشغيل لتصبح أكثر استيعابًا للحركة التجارية، فهذا الموقع الجغرافي للمملكة جعلها بوابة لعبور ١٣٪ من حجم التجارة العالمية، وكان لتنوع موانئها وكفاءة قدراتها الفضل في استقبال ٧٠٪ من واردات المملكة، و٩٥٪ من صادراتها، عبر ٢٩١ رصيفًا بطاقة استيعابية تُقَدر بـ١.١ مليار طن وزني، وبمقدار ٢٠ مليون حاوية.
وجعل ذلك المملكة تتبوأ مراكز مُتقدمة بين الموانئ العالمية وفق التقرير الدولي لمؤشر أداء موانئ الحاويات عالميًّا لعام 2021، والذي يصدر عن البنك الدولي ومؤسسة أستاندرد آند بورز جلوبال ماركيت إنتليجانس؛ إذ جاء ميناء الملك عبدالله في المركز الأول صعودًا من المركز الثاني في تقرير عام 2020، كما قفز ميناء جدة الإسلامي للمركز الثامن بعد أنْ كان يحتلّ المركز الـ53، وتقدم ميناء الملك عبدالعزيز إلى المرتبة الـ14، صاعدًا 88 مركزًا عن العام الماضي.
من جانبه قال رئيس مجلس اللوجستيات بغرفة جدة وعضو المجلس الاستشاري بميناء جدة الإسلامي الدكتور إبراهيم العقيلي: "تقع المملكة بين ثلاثة قارات، وهو يمثّل موقعًا حيويًّا لحركة التجارة الدولية ونشاط قطاع الموانئ الذي يعد مرتكزًا رئيسًا وقيمة اقتصادية؛ فقد تصدر ميناء الملك عبدالله ويليه ميناء جدة وبعدها ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام في مؤشرات الأداء، وهذا نجاح كبير للسعودية".
واختتم قائلًا: "تقدم هذه الموانئ يثبت الدعم الكبير والتسهيلات التي يحظى بها القطاع اللوجستي، وخاصة الموانئ؛ فمنذ تبلورت الصورة النهائية للرؤية السعودية والموانئ في قائمة الألولويات؛ فقد حققنا تقدمًا واضحًا في الترتيب العالمي بعد أن كان ترتيبنا ٦٣، فاليوم نحن نخطف الصدارة".