"متخصص إعلام سياسي": الجزيرة استخدمت التأطير والتعتيم تجاه المظاهرات الإيرانية لـ"تهوينها"

كشف في دراسة حديثة أنها تعاملت مع الأزمة الإيرانية على أنها "احتجاجات اقتصادية" فقط
"متخصص إعلام سياسي": الجزيرة استخدمت التأطير والتعتيم تجاه المظاهرات الإيرانية لـ"تهوينها"

في دراسة تحليلية لتغطية قناة الجزيرة الفضائية عبر حسابها على موقع "تويتر" للاحتجاجات الإيرانية التي اندلعت في يوم الخميس 28 ديسمبر الماضي، تناول الدكتور نايف الحداري "المتخصص في الإعلام السياسي" في دراسة إعلامية؛ طريقة تناول قناة الجزيرة القطرية للمظاهرات الإيرانية التي انطلقت قبيل نهاية الشهر الماضي.

وأشار الدكتور الحداري أن قناة الجزيرة استخدمت "التأطير" للتعامل مع الأزمة الإيرانية؛ لإظهارها على أنها "احتجاجات" من أجل "مطالب اقتصادية" ولم تذكر أن تلك "المطالبات" تحولت بعد أيام قليلة إلى مطالبة برحيل "الديكتاتور" وإسقاط نظام "ولاية الفقيه".

وقال: استخدمت الجزيرة "التعتيم الإعلامي" تجاه كثير من أخبار المظاهرات من أجل التهوين من الاحتجاجات وعدم إعطائها الحيّز المناسب من اهتمام المشاهدين".

ونوّه الدكتور الحداري إلى أن الدراسة تناولت الأسبوع الأول من الاحتجاجات الإيرانية التي اشتملت على تحليل ما يقارب "99" تغريدة في حساب قناة الجزيرة على "تويتر" في الفترة من 28 / 12 / 2017 إلى 3 / 1 / 2018؛ حيث غردت قناة الجزيرة بواقع "99" تغريدة في تلك الفترة؛ منها "15" تغريدة فقط عن الأحداث في إيران "أي ما يقارب نسبة 15%" بواقع تغريدتين في اليوم فقط عن الاحتجاجات العارمة في المدن الإيرانية.

موضحًا أن قناة الجزيرة استخدمت "عبر حسابها في تويتر" التأطير الإعلامي لوصف الاحتجاجات الإيرانية والمظاهرات التي اندلعت في أغلب المدن الإيرانية الكُبرى. وقد حاولت قناة الجزيرة منذ اليوم الأول إظهار المظاهرات على أنها مطالب اقتصادية الهدف منها هو معالجة قضايا الفقر والبطالة وغيرها من المطالب الاقتصادية؛ حيث ركّزت على توظيف "العبارات البسيطة" لوصف الاحتجاجات واختيار مفردات مُعينة لتأطير القضية مثل: "غلاء، سياسات اقتصادية، زيادة الضرائب ..".

كما استخدمت التأطير للتشكيك في المظاهرات وتقديم تفسيرات للقارئ تؤيد وجود جهات خارجية تقف وراءها، وتغليب فكرة "المؤامرة" وجنوح المتظاهرين إلى العنف، وهو أسلوب تبريري تلجأ له بعض وسائل الإعلام من أجل تأطير القضايا بالشكل الذي يخدم سياساتها التحريرية ويخدم سياسات الجهة التي تقف وراء وسيلة الإعلام. ولتحقيق هذا الهدف، كما يقول الدكتور الحداري، ركّزت القناة على توظيف واختيار مفردات لتأطير القضية في هذا الاتجاه مثل: "الفتنة الجديدة، مظاهرات مؤيدة للنظام، مقتل شرطي، الهجوم على مركز شرطة ..".

وأضاف: في مسعاها لتأطير قضية المظاهرات الإيرانية، مارست قناة الجزيرة "انتقائية" واضحة في اختيار الأخبار والتصريحات والتعليقات السياسية المصاحبة لها؛ حيث إن اختيار جانب واحد من قضية أو حدث ما والتركيز عليه وإبرازه وإهمال الجوانب الأخرى يعد من أهم أساليب "التأطير الإعلامي" الذي يؤدي إلى تقديم تفسير مُبسط للحدث أو للقصة الخبرية على حساب الحقيقة. وهو الأسلوب الذي لجأت إليه قناة الجزيرة في تعاملها مع الاحتجاجات الإيرانية.

وذكر الدكتور الحداري أن قناة الجزيرة "عبر حسابها في تويتر" لم تستخدم الصور التي تظهر التعامل الوحشي مع المتظاهرين، وكذلك غيّبت مقاطع الفيديو التي نشرها النشطاء الإيرانيون على الإنترنت وتظهر قمع عناصر "الباسيج" للمتظاهرين في عدد من المدن الإيرانية. كما لم تشر إلى الاحتجاجات على أنها "ثورة"؛ وهو ما يخالف نهجها أثناء تغطية المظاهرات أثناء ما يُسمى بـ"الربيع العربي"، بل أصرّت على أنها مطالبات، على الرغم من أن كثيرًا من وسائل الإعلام العربية والأجنبية الناطقة بالعربية ذكرت في عناوينها كلمات مثل: "ثورة جياع" أو "ثورة ضد الفقر والجوع".

ووفقاً لأسلوب التعتيم الإعلامي الذي التزمت به قناة الجزيرة، لم تتحدث عن الشعارات السياسية التي أطلقها المحتجون مثل: "الموت لروحاني" و"الموت للديكتاتور" و"لا غزة ولا لبنان". ولم تتناول هذه الشعارات في اللقطات المصاحبة للتغريدات، ولم تحضر كلمة "ثورة" إلا في تغريدة واحدة كانت عن نتيجة استفتاء لقرائها في "تويتر" عن المظاهرات في إيران والذين اختاروا "بداية ثورة" كوصف للاحتجاجات والمظاهرات.

كما لم تقدم الجزيرة ما يثبت حيادها في هذه القضية؛ حيث لم تنشر تقارير من جانبي القضية أو طرفي النزاع؛ حيث غاب صوت المعارضة الإيرانية في الخارج بشكل كامل وتجاهلت المظاهرات والاعتصامات التي قام بها الإيرانيون أمام السفارات الإيرانية في عدد من العواصم الأوروبية، إلى جانب تجاهلها الواضح لتصريحات زعيمة المعارضة الإيرانية في الخارج "مريم رجوي" التي كانت تؤيد مطالبات المحتجين وتركز على ضرورة التخلص من نظام "ولاية الفقيه"، وربما هذا يوضح محاولة تأطير القضية وتحجيم أي تعاطف مُحتمل مع المتظاهرين؛ حيث ركّزت الجزيرة على أخبار الهجوم على مقرات الشرطة في إحدى التغريدات التي تضمنت تقريرًا تلفزيونيًّا يصف المحتجين بـ"العشرات".

ووفقًا للحداري: لم تلجأ قناة الجزيرة كعادتها في إبراز تصريحات المسؤولين والسياسيين الغربيين تجاه المظاهرات والثورات في المنطقة؛ بل أظهرت هذه التصريحات وكأنها "تدخُّل سافر" في شؤون المنطقة؛ حيث نشرت هذه التغريدة:
"بين رفض السياسات الاقتصادية للحكومة والتنديد بالفتنة الجديدة .. مظاهرات مُعارضة لروحاني وأخرى مؤيدة له بكبرى مدن إيران، وأميركا تدخل على الخط"؛ لتظهر أن هناك ما يشبه "المؤامرة الغربية" تجاه إيران، وأن هذه الاحتجاجات ليست إلا خطة أجنبية لجرّ البلاد إلى الفوضى، على الرغم من أن قناة الجزيرة نفسها وظّفت التصريحات الغربية بشكل كبير جداً أثناء الثورة التونسية والمصرية والليبية، وأفردت لها البرامج السياسية واحتلّت شريط الأخبار في القناة في تلك الأيام.

وقال الدكتور الحداري: إن اللافت للنظر أنه في الأسبوع الأول من المظاهرات الإيرانية وتزامناً مع الأحداث الساخنة في المدن الإيرانية، نشرت قناة الجزيرة على حسابها في تويتر "29" تغريدة عن المملكة والإمارات ومصر واليمن "أي 29% من التغريدات في ذلك الأسبوع؛ وهو ما يعادل ضعف عدد الأخبار عن المظاهرات الإيرانية"، طبعاً جميع الأخبار كانت سلبية ونقلاً عن مصادر أجنبية وصحف ومنظمات غربية، وهي المصادر التي تجاهلتها الجزيرة بشكل كامل أثناء تعاملها مع أخبار التظاهرات الإيرانية!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org