نعى الوسط الشعري بالمنطقة الجنوبية الشاعر الكبير محمد بن مبروك بن الغويد الغامدي، بعد معاناة مع المرض عن عمر زاد عن 80 عامًا.
والشاعر "الغويد" من أبناء محافظة العقيق بمنطقة الباحة، بدأ الشعر عام 1373هـ وعمره 10 سنوات في حينها، مشاركاته الشعرية رسمت له سيطرة على الساحة منذ عدة عقود، فهو أحد كبار شعراء منطقة الباحة والمنطقة الجنوبية أجمع، شارك في الكثير من مهرجانات المملكة الوطنية والشعبية والخليج.
ويُعدّ "الغويد" مدرسة لمعظم شعراء العرضة الجنوبية، ودارت بينه محاورات من الوزن الثقيل من عمالقة الشعرالجنوبي، حيث يمتاز شعره بالمعاني السامية والقوه والجزالة.
المهندس غانم بن محمد الحمر، قال عن الشاعر العملاق: "لم يعهد عن شاعرنا أنه هبط بالشعر إلى درك المهاترات والإسفاف، كونه يمتلك من القريحة العفيفة ما لم يعوزه إلى الهبوط بالشعر، وليس كذلك من السهولة استفزازه أو جره إلى شعر الإثارة الرخيص، يبدأ قصائده عادة بذكر الله والصلاة على النبي، ولم يشهد تاريخ الغويد أنه هيّج الجماهير، ولا ركب موجات المزايدين، تسير ركاب قصائده دائمًا في حب الوطن وقادته. اتمنى أن يكون هناك خطوات فعلية في حفظ تراث شعر العرضة".
فيما رثاه الشاعر الدكتور عبدالواحد الزهراني، بقوله: "إنا لله و إنا إليه راجعون، رحمك الله يا أبا مسفر وأسكنك الله فسيح جناته، وأحسن الله عزاءنا جميعًا في رمز من رموز الشعر والرجولة والخلق النبيل، والعزاء لقبائل غامد كافة، و لقبيلة الحلة وأهل الفقيد وذويه، والحمد لله على كل حال".
أما الشاعر محمد بن ظافر الشمراني فذكر أنه كان له موقفان مع الشاعر الغويد "الشاعر الكبير الغويد كما يلقب، زاملته لبضع سنين، وشكلت معه ثنائيًا ناجحًا بشهادة الجميع، أحيينا الكثير من الحفلات وصادمنا الكثير من الشعراء في السراة وفي نجد وفي تهامة، عرفته عن قرب وتعلمت منه، كما تعلمت من غيره الكثير من المهارات والكثير من الخلال والخصال، لكني ما زلت أحتفظ في الذاكرة بموقفين حدثا بيني وبينه أحدهما أطعته فيه فربحت، والآخر عصيته فكدت أن أخسر، لا تعجبوا من ذلك فقد كان أكثر دراية وأقدم هجرة وأبعد نظرًا".
وأوضح الشمراني: "في إحدى المحافل الكبيرة اقتحم الحفل شاعر لا يتورع عن الخطأ أبدًا لاعتقاده أن ذلك يكسبه شعبية أكثر، اقتحم الحفل بلا دعوة وبادرني بالهجوم العنيف، الأمر الذي جعلني أطلب من "الغويد" أن يسمح لي بالمحاورة معه والرد عليه، فأبی علي ذلك، وأقسم ألا أفعل، فأطعته، وما هي إلا دقائق حتى أخرجه أهل الحفل معتذرين بعدم رغبتهم في شعره، واستمر الحفل حتى نهايته".
وأضاف: "وفي حفلة أخرى وكبرى شاركنا فيها شاعر ثالث أكبر سنًا منا وأكثر ممارسة لما يسمى بلحن غامد وزهران "المجالسي" أو اللعب، رجوت الغويد في نهاية العرضة وبدء اللعب أن يمنحني فرصة اللعب مع هذا الزميل لحاجة في نفسي، قال لا أنصحك بمصادمته في ملعبه الذي يتفوق فيه على كثيرين، وبعد إلحاح جلس وترك المحاورة بيننا واستمرت لفترة طويلة حتى أوشك الشيخ أن يحرجني بخبرته وتهوري وغروري، وعندها فض الاشتباك، وقال مازحاً "ظل اسمع الكلام"، قلت أبشر. رحمك الله يا محمد بن مبروك وأنزل عليك شآبيب الرحمة والغفران. كم كنت رصينًا وراجحًا ومبدعًا في العرضة عامة وفي المسيرات على وجه الخصوص".
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للراحل ذُكِر أنه آخر ظهور له قال فيه: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهنئكم بالعيد السعيد، الله يعيده علينا وعليكم أعواماً عديدة، أوصيكم بالدين والتقوى هذه رسالة مني لكم، وأرجو الله أن يجلي هذه الغُمة عنا وعن جميع المسلمين والبشر، ويصير التواصل بيننا واصل".