أمين و"أرامكو" العملاقة

أمين و"أرامكو" العملاقة

تتمتع أرامكو السعودية بمزايا لا حصر لها، تجعلها شركة نفط عالمية "استثنائية"، قادرة على تجاوز أي عقبات أو اختبارات، ومن ثم صناعة النجاح من أعلى القمم. ولستُ هنا في حاجة لكيل المديح للشركة؛ لأن هذا وصف دقيق للشركة، تشهد به الأوساط المحلية والعالمية، التي ترى أن أرامكو تتجاوز كونها شركة نفط، وباتت مؤسسة عملاقة في كل شيء، من خلال تغلغلها في أوساط المجتمع، من خلال أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

فقد أثلجت صدري تصريحات رئيس الشركة وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين الناصر، وهو يتكلم بكل ثقة خلال محادثات أسبوع "سيرا". وجدتُ نفسي أعيد قراءة التصريحات مرات عدة، وفي كل مرة أزداد فخرًا بأن "أرامكو" شركة سعودية، ويديرها أبناء الوطن بكفاءة واقتدار، إلى أن وصلوا بها إلى هذا المستوى العالمي الذي يتغنى به الجميع.

مكانة أرامكو وقدراتها وإمكاناتها ظهرت بوضوح في أعقاب ظهور جائحة كورونا؛ إذ بادرت بتوفير أقصى درجات الحماية الصحية والوقائية لموظفيها ومنشآتها ومكاتبها، من خلال شراكتها مع "جونز هوبكنز". ليس هذا فحسب، وإنما بادرت بتعزيز بنيتها التحتية الإلكترونية، ودفعت بـ30 ألفًا من موظفيها للعمل من المنزل بالكفاءة نفسها التي يؤدونها في مكاتبهم. وقبل هذا لم تنسَ الشركة أن توفّر كل عوامل الأمان التام لشبكتها الإلكترونية، وحمايتها من ألاعيب الهاكرز والمتطفلين والمنافسين.

وإذا كانت جائحة كورونا اختبارًا، نجحت فيه أرامكو بامتياز، فإن هناك اختبارًا أكبر وجدت الشركة نفسها فيه، عندما تعرضت منشآتها في معامل بقيق وخريص لهجوم الحوثيين الإرهابيين، وتراجع الإنتاج، إلا أن الشركة رفضت إلا أن تكون عملاقة في ردة فعلها، من خلال الاعتماد على الموظفين أصحاب الخبرة والكفاءة، الذين واصلوا الليل بالنهار بعدما وفرت لهم الشركة قطع الغيار والمعدات اللازمة لإعادة تشغيل المرافق، وتعهد الجميع بإعادة كل شيء إلى ما كان عليه في غضون أيام وليس شهورًا، وأوفوا بالعهد، ونجحوا في إعادة تشغيل المرافق بموثوقية عالية دون أن تتأثر الإمدادات لعملاء الشركة.

وعند الحديث عن أرامكو في هذه الفترة لا يمكن تجاهل تطلعاتها وبرامجها في التوسع وتنويع الاستثمارات، والدخول في مجالات جديدة غير النفط. ومن هنا كان الاستحواذ على 70 % من أسهم "سابك" الرائدة في قطاع البتروكيماويات. هذا الاستحواذ يعكس استراتيجية أرامكو في أن تتحول إلى شركة رائدة في مجال الطاقة والبتروكيماويات معًا. ويساعدها على ذلك أنها تحتل مكانة عالية في قطاع التنقيب والإنتاج، وكذلك في التكرير.

بقي التشديد على أن أرامكو شركة فتية متجددة، تعتمد على الكفاءات الشابة دون سواهم، كما تعتمد على الخبرات المتراكمة لدى طواقمها الفنية والإدارية؛ ومن هنا لم يكن غريبًا أن نرى نصف الأيدي العاملة فيها دون سن الـ35 سنة. هؤلاء يستهلون حياتهم المهنية من عمر 17- 18 سنة؛ ليمضوا قُدمًا في مسيرتهم على المدى البعيد. وهذا أحد مواطن القوة التي تتمتع بها أرامكو في سبيل مضيها قُدمًا، ولاسيما بالتزامن مع ما نشهده من تطورات عديدة على صعيد الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والثورة الصناعية الرابعة، وتعلُّم الآلة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org