ماذا لو استيقظت وأصبحت معلمًا؟!

ماذا لو استيقظت وأصبحت معلمًا؟!

لغير المعلمين والمعلمات، ولمن هم قريبون من العمليــة التعليميــة.. نعم، قد تستغرب ذلك، لكن اسأل نفسك بعمق، وتخيل ذلك حقيقة.. ماذا لو استيقظت يومًا ما وأصبحت معلمًا؟!

سيكون لزاما عليك أن تستيقظ صباحًا، وترعى، وتستوعب أكثر من 25 طالبًا أو طالبة، وعلى مدار أكثر من 7 ساعات يوميًّا. ولك أن تتخيل أنه من الممكن أن يصل العدد إلى أكثر من 40 طالبًا أو طالبة في الصف!! فخلال دقائق ينبغي أن تجذب انتباههم، تشرح لهم الدرس، تراعي الفروق الفردية، تهتم بهم، بل ربما بعض الطلبة لديهم حالات حرجة، ينبغي عليك لزامًا مراعاتها.

عليك أن تغطي على زميلك أو زميلتك إذا تغيبا (حصة احتياط)، وينبغي أن يكون لديك فترة من الإشراف على كامل الطلبة في المدرسة، وفي فترات الفسحة والصلاة والانصراف، بتعاون بعض الزملاء معك، مع توقُّع حضور إدارة المدرسة أو مركز الإشراف لديك في أي لحظة لتقييم أدائك.

وبعدها تعود للمنزل، وتبدأ في تقييم واجبات الطلبة، وتحضير دروس اليوم التالي، مع وجود أنشطة طلابية متنوعة لدى الكثير من المعلمين والمعلمات، إضافة لعملهم.

كنت أتحدث بداية الصيف الفائت مع أحد الأقارب، وذكر لنا في المجلس أنه ينبغي ألا يحصل جميع المعلمين والمعلمات على إجازة في الصيف، بل يستمرون في برامج صيفية مع الطلبة (بالرغم من أن لدى البعض بالفعل ذلك في أندية الحي الصيفية). فقلت له: لماذا؟! قال: "حتى نستريح من الأولاد". قلتُ له: عجبًا، إذا كنت قد تعبت ولا تستطيع السيطرة في إجازة لمدة شهرين على خمسة من أبنائك فكيف تلومون المعلم أو المعلمة في سيطرتهم على أكثر من 25 طالبًا أو طالبة، بل أكثر لمدة 9 أشهر في العام!؟ والموضوع أعمق من رعاية فقط، بل تعليم وتربية، ومراعاة فروق، وحل ملاحظات، وبناء شخصيات، وغرس قيم، وتحصين من أفكار هدامة، وزرع أخلاق، وخطط علاجية، وبناء، وتقويم، وتقييم..

لك الله أيها المعلم وأيتها المعلمة!

عشت وما زلت في بيئة تعليمية (كوظيفة سابقة)، وأيضًا من والدي وبعض إخوتي وأقاربي وأصدقائي، وجزء من عملي الحالي.. وبالرغم من أنني بعيد عن العملية التعليمية داخل الصف؛ لانشغالي بالعمل الإعلامي، وأمور الاتصال المؤسسي، والسمعة المؤسسية، إلا أنني أشعر أيما شعور بما يبذلون ويضحون.

في أرجاء العالم هناك ملاحظات من عدد محدود لا يمثل إلا نفسه أو نفسها، لكن نسبة كبيرة جدًّا جدًّا في قمة البذل والعطاء والتضحية.

وقفت طويلاً أمام تغريدة، كتبها أحدهم بداية الاختبارات النهائية، فقال: تقوم الدنيا وتقعد بالتوعية الكبيرة للأسر، وتقوم جهات الاختصاص من الأمن وغيره أيام الاختبارات بسبب خروج الطلبة مبكرًا لساعات بسيطة. واستطرد قائلاً: ما بالكم بأنه لمدة تسعة أشهر الملايين من الطلبة تحت رعاية المعلمين والمعلمات منذ الصباح حتى وقت الانصراف.

لم أهمس في نفسي، بل أقولها عاليًا: تحية إجلال لك أيها المعلم، ولك أيتها المعلمة. هي إلماحة بسيطة لدوركم العظيم، وما تقومون به أعظم وأكبر من أن تفي أحرفي وأسطري القليلة.

ولم أدخل في أعماق ما يدور أحيانًا في أروقة أقسام الطالبات تحديدًا، وغالبًا من أمور مرهقة جدًّا على المعلمات، يتم فيها إجبارهن على القيام بها زيادة على دورهن البطولي في الصفوف.

"توزيعات" ما أنزل الله بها من سلطان، وطلبات، وغيرها، قد تستنزف طاقتها وراتبها من أجل حضور مشرفة أو غيرها، لكن لا تعليق.

هي ومضات بسيطة، ومجدكم ودوركم أشرف وأعلى وأسمى أيها المعلمون والمعلمات.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org