تحرص النيابة العامة على تحقيق أقصى درجات الشفافية في الإجراءات التي تتخذها، بشأن التعامل مع جميع القضايا التي تحقق فيها، ولعل الإعلان الذي صدر عنها، أمس الجمعة، والذي أوضحت فيه أنها انتهت من التحقيق وإعداد لوائح الدعوى العامة، ضد متهمين سبق القبض عليهم، يؤكد إستراتيجية عملها القائمة على العدل وتنفيذ الشرع واللوائح والقوانين المعززة للمساواة في منح الموقوفين حقوقهم التي يكفلها الشرع الحنيف لهم.
وفي التفاصيل، كانت رئاسة أمن الدولة قد رصدت نشاطاً لمجموعة من الأشخاص، قاموا من خلاله بالتواصل "المشبوه" مع جهات خارجية فيما يدعم أنشطتهم، فيما ذكر المتحدث الأمني أن هؤلاء الأشخاص قاموا "بتجنيد آخرين يعملون بمواقع حساسة وتقديم الدعم للعناصر المعادية في الخارج بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة وسلمها الاجتماعي والمساس باللحمة الوطنية".
ونقلت وكالة الأنباء السعودية آنذاك، عن المتحدث الأمني قوله إن السلطات الأمنية تمكنت من إلقاء القبض على المجموعة المكونة من سبعة أشخاص، فيما لا يزال العمل جارياً على تحديد كل من له صلة بأنشطتهم واتخاذ كافة الإجراءات النظامية بحقه.
وتشهد الوقائع والأحداث خلال السنوات الماضية بمصداقية الجهات القضائية في المملكة العربية السعودية، التي تحرص على أن تكون جميع إجراءاتها معلنة للجميع، بما يعزز مصلحة التحقيقات نفسها، حتى تفضي عن تحقيق العدل والمساواة وإظهار الحقائق. وظهر هذا الأسلوب جلياً في حادث مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، إذ أعلنت الجهات المختصة في المملكة تفاصيل الحادث الذي وقع في اسطنبول قبل أن تعلن الجهات التركية التي وقع الحادث على أراضيها، ووجهت النيابة العامة الاتهام إلى نحو 11 شخصاً، وطالبت بإعدام خمسة منهم، وأعلنت ذلك أمام العالم، إرساءً للحق والعدل، وأكدت الجهات السعودية آنذاك أنها لا تتوانى في الإعلان عن أي مستجدات بقضايا الموقوفين أمنياً.
وتكرر هذا السيناريو في قضايا كثيرة، كانت فيها السلطات القضائية في المملكة حريصة على إعلان تفاصيل الحوادث أو القضايا التي تحقق فيها، وتنشر ذلك على الملأ، بالتفاصيل التي لا تضر بسير التحقيقات أو تغير مسارها، الأمر الذي أكسب السلطات القضائية في المملكة، والنيابة العامة، الكثير من الاحترام والتقدير، ليس في الداخل فحسب، وإنما في المنطقة والعالم.
وتلتزم الجهات القضائية في المملكة بمبادئ الشرع الحنيف، وما يحث عليه من توصيات وإرشادات تصون الإنسان، وتحفظ كرامته وإنسانيته ولو كان متهماً في قضايا أمنية خطيرة، وتمنحه كل حقوقه التي تكفل له الدفاع عن نفسه، وترفض هذه الجهات الاستعجال في توجيه التهم، إلا بعد أن يكون لديها كافة الأدلة التي تؤكد هذه التهم، وفي الوقت نفسه، لا تمانع في قبول أي أدلة أخرى تدحض هذه التهم أو تغير مسار التحقيقات.
وتعمل رؤية 2030 على تعزيز القضاء السعودي، وتعزيز العدل والمساواة في أركانه، إيماناً منها بأن المجتمع الذي يتمتع بقضاء نزيه وقضاة عادلين يكون قابلاً للتمدن والتطور، ويحظى سلك القضاء في المملكة باهتمام ولاة الأمر أنفسهم، الذين يحرصون على توفير كل متطلباته حتى يقوم بمهمته على أكمل وجه، لنشر العدل والمساواة، وتعزيز الحقوق.