هذا ما حدث.. كندا تعمدت استفزاز السعودية بترجمة التغريدة "الوقحة" إلى العربية

المحللون يحمِّلون وزارة الخارجية الكندية أسباب اشتعال الأزمة بين الدولتين
هذا ما حدث.. كندا تعمدت استفزاز السعودية بترجمة التغريدة "الوقحة" إلى العربية

يرى محللون أنه كان في الإمكان أن تمرَّ الأزمة بين السعودية وكندا على ضوء الانتقادات التي وجهتها "أوتاوا" إلى "الرياض" بشأن ما أسمته "نشطاء المجتمع المدني" الذين تم إيقافهم في السعودية بأقل قدر من الخسائر للجانب الكندي، وبقليل من التركيز الإعلامي، لولا ثلاثة أمور، "أولها" قيام وزارة الخارجية الكندية عمدًا بترجمة تغريدتها المتغطرسة إلى العربية، و"ثانيها" التدخل العلني والسافر في الشأن الداخلي للمملكة، و"الثالث" أن هذا التدخل افتقر إلى الحكمة والتروي، وانعدمت فيه اللباقة في التعامل بين الدول.

ويحمِّل المحللون وزارة الخارجية الكندية أسباب اشتعال الأزمة بين الدولتين، إلى أن أصبحت رأيًا عامًّا دوليًّا خلال الـ48 ساعة الماضية؛ إذ تعمدت استفزاز السعودية عندما طالبت في تغريدة لها باللغة الإنجليزية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" السلطات في السعودية بالإفراج "الفوري" عن نشطاء المجتمع المدني في تدخل سافر وصريح وعلني في الشأن الداخلي للمملكة، أقل ما يقال عنه إنه افتقر إلى مبادئ الدبلوماسية الرصينة، وطغت عليه لغة العنجهية والتكبر والغطرسة الغربية؛ وهو ما استوجب الرد السريع والحاسم من الرياض على المسؤولين الكنديين.

ولم يستعجل المسؤولون في السعودية الرد على التغريدة الكندية في التو واللحظة، وإنما تمهلوا أيامًا عدة لدراسة الموقف، والبحث عن آليات التعامل الهادئ مع هذا الموضوع قبل أن يستفحل، ولكن وزارة الخارجية الكندية أجبرت السعودية على اتخاذ موقف سريع وحازم عندما ترجمت التغريدة باللغة العربية، ثم نشرتها، واستخدمت فيها مفردات مستفزة في حق السعودية وقيادتها وشعبها؛ إذ طالبت بالإفراج "الفوري" عن نشطاء المجتمع المدني.

صحيح أن تعليقات الأشخاص أو المنظمات الدولية على موضوعات تخص "حقوق الإنسان" كثيرة ومتداولة في العالم أجمع، بيد أن الأمر في الخلاف بين الرياض وأوتاوا مختلف كثيرًا؛ إذ إن التغريدة الكندية تمثل الرأي الرسمي لدولة في دولة أخرى، وليس رأي منظمة دولية في دولة. كما أن التغريدة استخدمت لغة غير مهذبة، فضلاً عن بروز نية تعمد الاستفزاز، واستعراض العضلات السياسية من جانب كندا، التي سعت للظهور والبروبجندا الإعلامية أمام المجتمع الدولي؛ لتعلن أنها دولة تدافع عن حقوق الإنسان في العالم؛ فنالت جزاءها "الفوري" بطرد سفيرها من الرياض، وقطع العلاقات التجارية معها.

وكعادة السعودية في احترام المواثيق والاتفاقات الدولية، قررت أن يشمل قرارها قطع العلاقات التجارية والاقتصادية مع كندا الاتفاقات الجديدة، مع تجميد العقود التي لم يتم الاتفاق عليها بعد، أما الاتفاقات القديمة فهي سارية، وتلتزم السعودية بها حتى النهاية، وفقًا للعقود المبرمة، وهو ما أشادت به الأوساط الدولية التي رأت في السعودية دولة صاحبة مبادئ وقيم، تلتزم بها مهما كانت الظروف والمستجدات.

يمكن القول إن آلية تعامل الرياض مع الأزمة منذ بدايتها حتى هذه اللحظة بدأت بالحكمة، وانتهت بالحزم والحسم والسرعة، وفقًا لمستجدات هذه الأزمة ومراحلها؛ فلم يكن في وسع قادة السعودية أو شعبها أن يلتزموا الصمت تجاه دولة أخرى، تنتقد سياستها علنًا، وأن توجه لها الأوامر على مرأى ومسمع من دول العالم، ولم يكن في مقدور الرياض أن تكتفي بتغريدة مضادة، أو خطاب نقد لاذع لوزارة الخارجية الكندية ردًّا على التدخل السافر والعلني في الشأن الداخلي للمملكة. ويزداد الأمر اندهاشًا وحيرة أن تاريخ السعودية يشهد لها باحترام دول العالم، وعدم التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة، الصغيرة منها قبل الكبيرة، وهذا الأمر ما تغافلت عنه كندا ومسؤولوها.

ومن هنا لم يكن مستغربًا أن تنال السعودية تأييدًا دوليًّا بشأن ما اتخذته من إجراءات عقابية بحق كندا؛ إذ أجمعت دول عدة على أن الرياض محقة في رفض التدخل في شؤونها الداخلية، وأن العالم الغربي يستغل ملف حقوق الإنسان للتسويق والترويج له عالميًّا أكثر من حرصه على ترسيخ هذه الحقوق على أرض الواقع.

ويتساءل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي السعوديون والعرب عن دور كندا في تعزيز حقوق الإنسان السوري، والإنسان اليمني، والإنسان الليبي.. مؤكدين أن ما تتشدق به كندا غير صحيح، وأن عليها أن تبحث عن وسائل أخرى لتلميع نفسها غير التدخل في الشأن الداخلي للدول الأخرى.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org