بدأت المملكة في جني ثمار الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ إلى روسيا، في بدايات شهر أكتوبر الحالي، من أجل توثيق العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية بين "الرياض" و"موسكو"، والانتقال بها إلى آفاق أوسع وأرحب في جميع المجالات، بما يتماشى وحجم البلدين في المنطقة والعالم، ودورهما المحوري في إيجاد حلول للعديد من المشكلات بالمنطقة.
وفي التفاصيل، من المتوقع أن توفر هذه الاتفاقيات من 2,000 إلى 3,000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة، معظمها في مجال التقنيات المتقدمة والهندسة، أما على صعيد الشركة بشكل عام، فمن المتوقع أن تخلق 40,000 وظيفة مباشرة و30,000 وظيفة غير مباشرة بحلول عام 2030م.
ومن المنتظر أن تُساهم هذه الاتفاقيات في إضافة ما قيمته 200 إلى 300 مليون ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي، أما على صعيد الشركة بشكل عام من المتوقع أن تساهم الشركة بـ 14 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030م.
حزمة الاتفاقات
وتحرص المملكة وروسيا على تنفيذ حزمة الاتفاقات التي تم التوصل أثناء الزيارة بوتيرة سريعة، لا تخلو من إتقان واحترافية في كل التفاصيل، لرغبتهما المشتركة في تفعيل العلاقات بينهما، بما ينعكس "إيجابًا" على الاقتصاديين السعودي والروسي، ولذلك، يبدو أن الجانبين، اتفقا أثناء الزيارة، على آلية عمل، تضمن تنفيذ الاتفاقات المبرمة بينهما، وفق آلية زمنية متفق عليها مسبقًا، ويؤكد هذا، ذلك الحراك والنشاط الواضح لمسؤولي البلدين في الساعات الأخيرة، فقبل ساعات، التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، على هامش مبادرة "مستقبل الاستثمار"، رئيس صندوق الاستثمارات الروسي السيد" كيريل ديمتروف"، وجرى خلال اللقاء استعراض مجالات التنسيق الثنائية بين البلدَيْن في الشأن الاستثماري، إضافة إلى بحث عددٍ من الموضوعات الاقتصادية.
مصنع بتروكيماويات
بالأمس القريب، أعلن كيريل ديمترييف، رئيس صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، أنه يخطط لبناء مصنع للبتروكيماويات في المملكة العربية السعودية. ونقل موقع "روسيا اليوم" عن ديمترييف قوله: "نخطط للاستثمار مع شركة "سيبور" وشركة "أرامكو" السعودية، لبناء مصنع للبتروكيماويات في المملكة العربية السعودية على هامش مبادرة الاستثمار المستقبلية". وأضاف: "شركاتنا مهتمة بالدخول إلى السوق السعودية، على سبيل المثال، شركة "سيبور" تعتزم بناء مصنع مع شركة "أرامكو"، وسيكون أول مصنع لنا في المملكة".
ويتواصل برنامج الزيارات بين مسؤولي البلدين، لمناقشة خطط تفعيل الاتفاقات بينهما، وحسب ما جاء في موقع "روسيا اليوم"، فمن المقرر أن يتم مناقشة عدد كبير من الشركات الروسية، خلال زيارة مزمعة إلى الرياض في 2 نوفمبر المقبل، مجموعة من المشروعات المهمة للجانبين، في ضوء الاتفاقية المبرمة بين الرياض وموسكو للتعاون في مجال صناعة البتروكيماويات داخل روسيا والسعودية.
وكانت السعودية وروسيا قررتا إنشاء صندوق مشترك، برأسمال يصل إلى مليار دولار، الذي سيستثمر 150 مليون دولار في شركةEurasia Drilling الروسية، إضافة إلى اتفاق بقيمة 1.1 مليار دولار لبناء مصنع روسي للبتروكيماويات يحمل اسم "سيبور" في المملكة العربية السعودية.
المحتوى المحلي
ويتوقع محللون أن تشهد الأسابيع والشهور المقبلة، اتخاذ المزيد من الإجراءات والخطوات والتنظيمات، التي تترجم الاتفاقات المبرمة بين البلدين، وتسرع من آلية تنفيذها على أرض الواقع، وتحويلها إلى مشروعات اقتصادية واستثمارية قائمة بالفعل، تُسهم في تعزيز القطاعات الاقتصادية في المملكة، وتوفر المزيد من فرص العمل للمواطنين، وهذا ما حرصت عليه القيادة الرشيدة، من خلال إضافة بنود إلى الاتفاقات، تضمن زيادة نسبة المحتوى المحلي في الصناعات والمنتجات التي يتم استيرادها من الخارج.
وتحمل الاتفاقات بين المملكة وروسيا، التي تخللت زيارة خادم الحرمين الشريفين لموسكو، الكثير من الخير والفوائد، لاقتصاد المملكة وأبنائها، ومن أبرز هذه الاتفاقيات تفعيل اللجنة المشتركة للتعاون العسكري، وتحديد أوجه التعاون في المجال العسكري والتوطين المحتمل لذلك، واتفق الجانبان على توريد الأسلحة النوعية للمملكة، مع الالتزام بتوطين تقنية وصناعة هذه المنظومات المتطورة داخل السعودية، ووضع خطة لنقل التقنية والمعرفة للمملكة، بالإضافة إلى تضمين تدريب وتعليم الكوادر السعودية في هذه الاتفاقيات، لضمان تطور واستدامة قطاع الصناعات العسكرية في المملكة، بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030. وقد تم التوقيع على توريد نظام الدفاع الجوي المتقدم S-400، وأنظمةKornet-EM، وراجمة الصواريخ TOS-1A، وراجمة القنابل AGS-30، وسلاح كلاشنكوف AK- 103 وذخائره.
بالإضافة إلى التزام الجانب الروسي بنقل التقنية وتوطين صناعة واستدامة هذه المنظومات في المملكة، ومن المستهدف أن يتم توطين ما بين 30-50 في المائة من المنظومات المشمولة في مذكرة التفاهم، بما يتناسب مع الرؤية، التي تستهدف الوصول إلى نسبة توطين قدرها 50 في المائة من الإنفاق العسكري للمملكة بحلول عام 2030م.
التعاون العسكري
يلتزم الجانب الروسي بموجب مذكرة التفاهم بنقل المعرفة الفنية والملكية الفكرية والتقنية اللازمة لتصميم وهندسة وإنتاج وصناعة وترقية وإصلاح وتعديل وصيانة سلاح "الكلاشينكوف" لتوطين تصنيعه بنسبة 100 في المائة، وكذلك تصنيع ذخائره عيار 7.62 ملم في السعودية، مما سيُسهم في رفع المحتوى المحلي وتعزيز الاكتفاء الذاتي بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
وتساعد هذه الاتفاقيات برفع نسبة توطين الإنفاق العسكري للمملكة 2 في المائة حاليًا إلى 50 % بحلول 2030، حيث تعمل الشركة على أربعة مجالات هي : مجال الأنظمة الجوية، ويشمل صيانة وإصلاح الطائرات ثابتة الجناح وصناعة الطائرات من دون طيار وصيانتها، ومجال الأنظمة الأرضية وتشمل صناعة وصيانة وإصلاح العربات العسكرية، ومجال الأسلحة والذخائر والصواريخ، ومجال الإلكترونيات الدفاعية وتشمل الرادارات والمستشعرات وأنظمة الاتصالات والحرب الإلكترونية. ولدى الشركة السعودية للصناعات العسكرية المرونة الهيكلية لتأسيس مزيدٍ من وحدات الأعمال، بحسب ما قد يبرز من التطورات على مستوى التقنيات الحديثة والتوجهات في الصناعات العسكرية.