من المتوقع أن تستمر عمليات إبرام الصفقات بخطواتها الواثقة في العام الجديد، بعد عام تاريخي في نشاط الاندماج والاستحواذ ساهمت فيه إلى حد كبير سهولة الحصول على تمويل محدود التكلفة وازدهار أسواق الأسهم.
وتخطت أحجام عمليات الاندماج والاستحواذ خمسة تريليونات دولار لأول مرة على الإطلاق، بزيادة واضحة عن الحجم القياسي السابق الذي بلغ 4.55 تريليون دولار عام 2007؛ وفقاً لبيانات "منصة ديلوجيك للأسواق المالية". وبحسب بيانات "رفينيتيف": بلغت القيمة الإجمالية لصفقات الاندماج والاستحواذ 5.8 تريليون دولار في 2021، بارتفاع 64 في المائة عن العام السابق؛ بحسب ما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط".
ووفقًا لـ"بلومبرغ"، قال ستيفان فيلدغويز، الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ العالمية في مجموعة "غولدمان ساكس": "تجاوزت مجالس الإدارة والمساهمون وفرق الإدارة التقلبات، ولم تُظهر سوق الاندماج والاستحواذ أي تردّد على مدى 12 شهرًا في 2021".
ومع توافر السيولة النقدية وارتفاع قيمة الأسهم في البورصات العالمية، أبرمت صناديق شراء كبرى ومؤسسات ورجال أعمال 62193 صفقة في 2021، بارتفاع نسبته 24 في المائة عن العام السابق، مع تسجيل أرقام قياسية في كل شهر من السنة.
وتوقع عاملون في بنوك استثمارية أن تستمر الحميّة ذاتها في العام المقبل، رغم ارتفاعات الفائدة الوشيكة. وأسعار الفائدة الأعلى تعني زيادة تكلفة الاقتراض، وهو ما من شأنه أن يبطئ خطى نشاط الاندماج والاستحواذ، غير أن مستشاري الصفقات ما زالوا يتوقعون موجة من الاندماجات الكبرى في 2022.
وقال كاري كوتشمان الرئيس المشارك العالمي لعمليات الاندماج والاستحواذ في مجموعة "سيتي غروب": "رغم حقيقة أننا حقّقنا رقماً قياسياً لسوق الاندماج والاستحواذ، أعتقد أننا قادرون على الوصول إلى مستويات أعلى في حال ظلت ثقة الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة قوية".
وأحدثت سياسات نقدية توفيقية اتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" انتعاشة في أسواق الأسهم، وأتاحت للمديرين التنفيذيين فرصة الحصول على تمويل بتكلفة بسيطة؛ مما شجعهم على السعي وراء أهداف كبرى.
وتُظهر البيانات أن المحرك الرئيس لتدفق الصفقات كان شركات الملكية الخاصة، التي شكّل إنفاقها على عمليات الاستحواذ رقماً قياسياً بنسبة 24 في المائة من قيمة الصفقات العالمية هذا العام. ويُرجح أن تسعى شركات الاستحواذ التي لديها أكثر من تريليوني دولار من نقد ينتظر الاستثمار، لتنفيذ عمليات استحواذ أكبر في 2022، وذلك وفقاً لإريك شيل الشريك المؤسسي في شركة المحاماة "كيركلاند أند إيليس"، الذي قال: "لا أعتقد أن هذا الجزء من السوق سيتوجه إلى أي وجهة أخرى"، مضيفاً أن الداعمين يتمتعون عموماً بميزة على الاستراتيجيين في بيئة مكافحة الاحتكار الحالية الأكثر صرامة.
وقادت الولايات المتحدة الطريق صوب عمليات الاندماج والاستحواذ؛ إذ ساهمت بما يقرب من نصف الأحجام العالمية، وتضاعفت فيها قيمة هذه الصفقات تقريباً لتصل إلى 2.5 تريليون دولار في 2021، رغم أجواء مكافحة الاحتكار الأشد في عهد إدارة الرئيس جو بايدن.
ومن بين أكبر صفقات العام صفقة "إيه تي آند تي" لدمج نشاطها الإعلامي مع "ديسكفري"، التي بلغت قيمتها 43 مليار دولار، وكذلك شراء شركة "ميدلاين إندستريز" في صفقة قيمتها 34 مليار دولار، واستحواذ "كناديان باسيفيك ريلوايز" على "كانساس سيتي ساذرن" مقابل 31 مليار دولار، وانفصال العملاقين الأميركيين "جنرال إلكتريك" و"جونسون آند جونسون".
ووفقاً لدراسة مسحية أجرتها "جرانت ثورنتون" وشملت منظمي صفقات ومستشارين، عبّر ثلثا المشاركين عن اعتقادهم بأن أحجام الصفقات ستزيد رغم التحديات الناجمة عن اللوائح والجائحة. وشكّلت الصفقات في قطاعات مثل التكنولوجيا والمال والصناعة والطاقة والكهرباء الجانب الأكبر من أحجام عمليات الاندماج والاستحواذ.