رد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء، على سؤال: (هل يجوز جمع الصلوات في أوقات البرد الشديد؟)، وبيَّن أن الأعذار الشرعية التي بيَّنها الشرع والعقيدة الإسلامية هي فقط ما يجوز فعله لرفع الحرج وإتيان الرخص المباحة شرعًا.
وتفصيلاً، قال السائل: سماحة الوالد -حفظكم الله-، تعلمون ما نمرُّ به خلال هذه الفترة من انخفاض درجات الحرارة في بعض مناطق السعودية لأول مرة، وهطول الأمطار والثلج أيضًا، وشدة البرد لدرجة كبيرة. سؤالي سماحة الشيخ: هل يجوز جمع الصلوات في أوقات البرد الشديد؟
وقال المفتي في إجابته عن السؤال: اعلم -أرشدك الله لطاعته- أن الشرع قد رفع الحرج عن العباد، والأعذار المسوغة للجمع بشكل عام هي: (السفر، والمرض، والمطر، والثلج، والبرد الشديد).. وأمثالها مما يُلحق حدوثها حرجًا بالعباد. فإذا وُجد عذر من هذه الأعذار جاز الجمع بين الصلاتَيْن. وهذا رأي جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة. قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: "والمطر المبيح للجمع هو: ما يبل الثياب، وتلحق المشقة بالخروج فيه. وأما الطل والمطر الخفيف الذي لا يبل الثياب فلا يبيح. والثلج كالمطر في ذلك؛ لأنه في معناه، وكذلك البرد".
وأضاف: "القول الراجح عند الحنابلة وقول لبعض الشافعية: إن وجود الريح الشديدة الباردة عذر يبيح الجمع. ولكن اشترطوا للجمع من الريح الباردة شرطين: الأول: أن تكون شديدة. والثاني: أن تكون باردة، فإذا اختل أحد الشرطين فلا يجوز الجمع؛ لأن الريح المعتادة يمكن التحرز منها، وكذلك البرد بدون ريح يمكن التحرز منه بالملابس الثقيلة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى على سؤال (هل يجوز الجمع بين المغرب والعشاء للبرد الشديد أم الجمع خاص بالمطر؟)، فأجاب -رحمه الله-: "الحمد لله رب العالمين. يجوز الجمع بين العشاءين (أي المغرب والعشاء) للمطر، والريح الشديدة الباردة، والوحل الشديد، وهذا أصح قولَي العلماء، وهو ظاهر مذهب أحمد ومالك وغيرهما. والله أعلم". قال ابن قاسم في حاشيته الروض المربع: "ويباح الجمع بين (العشاءين) خاصة (لمطر يبل الثياب) وتوجد معه مشقة، والثلج والبرد، والجليد مثله (ولوحل وريح شديدة باردة)". فإذا وُجد الريح والبرد الشديدان معًا فإنه يجوز الجمع بين الصلاتين، الظهر والعصر والمغرب والعشاء. وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.