تقود المملكة العربية السعودية ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، برنامجاً متكاملاً لدعم الإصلاحات الاقتصادية والاستقرار المالي في مملكة البحرين، والوقوف بجانبها، حتى تتجاوز محنة الديون السيادية، التي تتجاوز 20 مليار دولار.
علاقة الأشقاء
ويُعد هذا التحرك نتيجة طبيعية للعلاقات الوثيقة والأخوية التي تربط الأشقاء في منطقة الخليج؛ فضلاً عن العلاقات المماثلة التي تربط دول الخليج ببقية الدول العربية؛ الأمر الذي دعا السعودية ومعها الإمارات والكويت، إلى مساندة مملكة الأردن في أزمتها الاقتصادية بنحو 2.5 مليار دولار قبل أسابيع قليلة.
استقرار الأوضاع
وقال بيان مشترك حول الأزمة: إن الدول الخليجية الثلاث؛ ستواصل مباحثاتها مع البحرين؛ بهدف تعزيز استقرار الأوضاع المالية فيها؛ مشددة على التزامها ببحث كل الخيارات لتوفير الدعم اللازم وإنهاء العمل على وضع برنامج متكامل لدعم الإصلاحات الاقتصادية والاستقرار المالي.
أقوال وأفعال
وغالباً ما تبادر السعودية بمثل هذه التحركات الإيجابية، بدافع إنساني بحت؛ بهدف مساندة الدول الشقيقة والصديقة، التي تعاني من أزمات اقتصادية أو ضائقة مالية، ويساندها في هذه التحركات دولتا الإمارات والكويت، وبذلك تؤكد المملكة مجدداً بالأقوال والأفعال، وقوفها بجانب الأشقاء بالبحرين في أزمتها، مهما كانت التحديات التي تمرّ بها.
وترتبط الرياض مع المنامة بعلاقات خاصة جداً على مر التاريخ، من منطلق التقارب الجغرافي بينهما، والشعور بأن مصيرهما مشترك.
20 مليار دولار
وترجع أسباب الأزمة الاقتصادية الحالية في البحرين، إلى الانخفاض الحادّ في الاحتياطات الأجنبية، والاختلالات المالية الكبيرة، وخفض التصنيف الائتماني السيادي، بالإضافة إلى غياب استراتيجية مُحكمة لوضع البلاد على مسار أكثر استدامة؛ كل هذا أعطى دفعة قوية لزيادة المخاطر في البلاد.
خفض العجز
ويُنتظر أن يعزز دعم دول الخليج الثلاث، من وتيرة النمو الاقتصادي في البحرين، ويخفض عجز الموازنة، ويدعم الدينار البحريني، وكذلك استقراره أمام الدولار الأمريكي؛ فضلاً عن الاستقرار المالي وتعزيز استدامة التمويل الحكومي وبناء الاحتياطيات النقدية.
ديون البحرين
وذكر تقرير أصدرته شركة "سيكو" البحرينية، أن "ديون مملكة البحرين بلغت 20.3 مليار دولار حتى النصف الأول من العام الجاري؛ منها نحو 808 ملايين دولار ديون خارجية مستحقة في 2018"، وأكد التقرير أن الفائدة المستحقة على القروض والصكوك العام الماضي بلغت نحو 714 مليون دولار.
وبيّن التقرير أن البحرين اتخذت تدابير خفض التكاليف المالية، وحققت من ذلك وفورات مالية تبلغ 488.6 مليون دولار في العام 2016.
وقالت "سيكو": إن من المتوقع أن يبقى إجمالي ديون البحرين المستحقة ضِمن مستوى 60% من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية العام 2016 وفقاً للتقديرات الحكومية.
نفقات الفوائد
وأشار التقرير إلى أنه خلال السنوات الأربع الأخيرة، (2011 - 2015) شهدت نفقات الفوائد التي تدفعها البحرين ارتفاعاً بلغ 24%، بنمو سنوي مركّب بلغ 714 مليون دولار (269.5 مليون دينار بحريني)؛ وهو ما يمثل 13% من الإيرادات الحكومية في العام 2015، ويُتوقع أن ترتفع الديون إلى 1.68 مليار دولار من العام 2021 فصاعداً.
أذونات للخزينة
وأشار التقرير إلى أنه يتم الاقتراض الحكومي المحلي أساساً في شكل أذونات للخزينة وسندات إسلامية قصيرة الأجل، وسندات تنمية متوسطة الأجل وطويلة الأجل، وسندات تأجير إسلامية متوسطة الأجل، إضافة لاثنين من القروض المشتركة طويلة الأجل.
ويتم توفير ديون البحرين المحلية من قِبَل البنوك التجارية، والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في البحرين، وصناديق التقاعد الحكومية.
ويبلغ متوسط أسعار الفائدة المستحقة على صكوك الدين المحلي قصيرة المدى نحو 2.3%؛ في حين يبلغ متوسط سعر الفائدة المستحق على الدين المحلي طويل الأجل "سندات التنمية وسندات التأجير الإسلامية" نحو 4.4%.
الديون السيادية
ويتوقع المختصون في الشأن الاقتصادي، أن تساهم المساعدات المالية من الدول الثلاث في خفض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمملكة البحرين لمستوياتها الطبيعة؛ حيث سيتم توفير الدعم اللازم للمنامة؛ سواء من خلال القروض أو المنح، وعلى مدى عدة سنوات يتم خلالها تطبيق برنامج إصلاحات اقتصادية ومالية بما يساعد على الاستدامة المالية.
رأس المال العالمية
ويكشف مصرفيون ومتعاملون في سوق الدين أن تكلفة التأمين على الديون السيادية البحرينية ضد مخاطر التعثر قفزت قرب أعلى مستوى في عدة سنوات.
وأرجع المصرفيون -وفقاً لـ"رويترز"- تلك القفزة في تكلفة التأمين، إلى مخاوف من أن تفقد مملكة البحرين القدرة على الوصول إلى أسواق رأس المال العالمية.
في 19 شهراً
وبلغت عقود مبادلة مخاطر الائتمان البحرينية أعلى مستوى في 19 شهراً عند 380 نقطة أساس من 283 نقطة أساس في نهاية أبريل الماضي؛ فيما تراجعت عقود مبادلة مخاطر الائتمان قليلاً إلى 367 نقطة أساس، بما ينطوي على احتمال التخلف عن السداد نسبته 23% في السنوات الخمس القادمة، وبلغت العقود ذروتها عند 405 نقاط أساس في فبراير من عام 2016، حين مثّل انخفاض أسعار النفط دون 35 دولاراً للبرميل تهديداً لاقتصادات الخليج.
مخاطر الائتمان
ويقول مديرو صناديق إن عمليات بيع عالمية لديون السوق الناشئة كانت من بين أسباب ارتفاع عقود مبادلة مخاطر الائتمان البحرينية؛ لكن في حالة البحرين تفاقمت عملية البيع بسبب ضعف الأوضاع المالية العامة للحكومة.
ويقدر صندوق النقد الدولي عجز ميزانية البحرين عند 11.6% من الناتج المحلي الإجمالي للعام الجاري، ويتوقع أن يتجاوز الدين 100% من الناتج المحلي الإجمالي في 2019.
عوامل الخفض
وعزا مختصون قفزة عقود مبادلة مخاطر الائتمان، إلى عوامل؛ من بينها: خفض وكالة فيتش لتصنيف البحرين الائتماني في مارس إلى - BB؛ بما يمثل انخفاضاً قدره ثلاثة مراكز ضمن الشريحة العالية المخاطر، وأرجعت "فيتش"، في تقريرها، ذلك القرار لتدهور الوضع المالي للبحرين بعد هبوط أسعار النفط.
وينتاب القلق المستثمرين من أن البحرين ستصبح غير قادرة على تمويل دينها بأسعار فائدة معقولة في الأسواق الدولية. وفي مارس الماضي، دفعت الحكومة البحرينية علاوة كبيرة لبيع صكوك بقيمة مليار دولار في الخارج؛ مما تَسَبّب في ارتفاع العائد على ديونها القائمة. وتخلت الحكومة عن خطط لطرح سندات تقليدية؛ لأن المستثمرين طلبوا عوائد مرتفعة. وعقدت الشركة القابضة للنفط والغاز (نوجا القابضة)، ذراع الهيئة الوطنية للنفط والغاز، اجتماعات مع مستثمرين قبل إصدار متوقع لسندات بقيمة 500 مليون دولار لأجل سبع سنوات. ولم يمض ذلك الإصدار قدماً لأن عمليات البيع في السوق الناشئة عطلته على ما يبدو.