"الموسى": وزارة التعليم تعيد التقويم إلى عهده القديم الحفظ والتلقين

قال: من المهم النهوض بمستوى العملية التربوية والتعليمية وتطويرها
"الموسى": وزارة التعليم تعيد التقويم إلى عهده القديم الحفظ والتلقين

أكد عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى الدكتور ناصر بن علي الموسى، أنه لا يخالجه أدنى شك في أن قرار وزير التعليم بشأن اعتماد الاختبارات التحريرية لبعض المواد في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، يأتي في إطار اجتهادات وزارة التعليم الرامية إلى تحقيق نواتج أفضل للتعلم، والارتقاء بمستوى التحصيل الدراسي لأبنائنا وبناتنا، غير أنه رأى في الوقت نفسه أن اجتهادها -هذه المرة- سيعيد عملية التقويم إلى عهدها القديم، أي إلى الاختبارات التقليدية، وما يصاحبها من وقت عصيب، وشبح رهيب، وقلق كئيب، وإعلان لحالة الاستنفار التام في المنازل، وفوق هذا كله، فإن الاختبارات التحريرية تركز على جوانب الحفظ والتلقين، ولا تعنى كثيراً بالمهارات والقدرات التي يرتكز عليها الفهم والإدراك، ولا تهتم أبداً بالميول والاتجاهات، وتعزيز مفهوم الذات، وتنمية المهارات الاجتماعية والتواصلية، ومهارات الحياة اليومية.

وشدد "الموسى" على أنه لا يختلف اثنان على أن هناك ممارسات خاطئة صاحبت عملية التقويم المستمر منذ بداية التطبيق حتى الآن، ومن الطبيعي أن تكون هذه الأخطاء في التطبيق قد أسهمت في التأثير السلبي على التحصيل الدراسي لدى الطلاب والطالبات، وكان الأجدر بالوزارة أن تمضي قدماً في عملية تطوير التعليم، وذلك من خلال معالجة هذه الممارسات الخاطئة، بدلاً من التراجع بالعودة إلى الاختبارات التقليدية، خصوصاً إذا ما عرفنا أن الهدف الرئيس من تطبيق التقويم المستمر في مدارسنا كان هو النهوض بمستوى العملية التربوية والتعليمية في بلادنا، بالإضافة إلى التغلب على السلبيات الكثيرة التي تنجم عن تطبيق الاختبارات التقليدية، فالتقويم المستمر هو أسلوب معمول به في كثير من دول العالم المتقدم، وهو يقوم على مبدأ صحيح ومسار سليم، والمهم أنه تقويم من أجل التعلم، فهو يقتضي متابعة الطالب طوال العام الدراسي للوقوف على نقاط القوة لديه بغرض تعزيزها، والتعرف على نقاط الضعف كي يمكن تلافيها.

وأشار "الموسى" إلى أنه على يقين بأن الوزارة تدرك إدراكاً تاماً أن التقويم المستمر، أو على الأصح الممارسات الخاطئة التي صاحبته ليست هي المتغير الوحيد الذي يؤثر سلباً على التحصيل الدراسي، بل هناك العديد من المتغيرات التي تفوق في تأثيرها هذا المتغير، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اعتماد تعليمنا على أساليب الحفظ والتلقين، وعدم الاستفادة المثلى من التعليم التفاعلي أو التعليم التعاوني، وقلة التدريب النوعي المقدم للمعلمين والمعلمات، وتكدس الطلاب والطالبات في الصفوف الدراسية، وطول المناهج الدراسية وقلة المحفزات الإبداعية فيها، وضخامة الكتب المدرسية المحشوة بالمعلومات الكمية التي - في الغالب - لا تراعي خصائص واحتياجات الطلاب والطالبات، والتطبيقات التقنية الحديثة التي كان ينبغي على الوزارة أن تعمل على تحويلها إلى معطيات إيجابية في حياة الطلاب والطالبات، بدلاً من تأثيراتها السلبية عليهم، والمباني المدرسية التي يفتقر كثير منها إلى أبسط معايير الجودة، والبيئات الصفية التي لا تتوفر فيها مقومات التفوق والتألق والإبداع، وعدم تفعيل تفريد التعليم الذي يحتاجه أكثر من 20% من إجمالي الطلاب والطالبات، وما إلى ذلك من المتغيرات التي تؤثر -بشكل سلبي- على التحصيل الدراسي لدى طلابنا وطالباتنا.

ثم تساءل "الموسى" عن دور البحث العلمي في عملية القرارات بالوزارة، وبالذات هذا القرار المصيري، إذ نجد أن الحيثيات التي قام عليها هذا القرار تتحدث عن اللقاءات والاجتماعات، ولم تشر البتة إلى الأبحاث والدراسات، على الرغم من أنه قد سبق للوزارة أن كلفت بيوت خبرة متخصصة بإعداد أبحاث ودراسات في مجال التقويم المستمر، كما شارك في إجراء الدراسات والأبحاث العديد من المراكز البحثية والجامعات والجهات والأفراد، وحتى في ظل غياب هذه الأبحاث والدراسات أو عدم قناعة الوزارة بها، فإنه كان يتعين على الوزارة أن تقوم بإجراء تقويم علمي شامل للتقويم المستمر، وفي ضوء نتائج التقويم يتخذ القرار.

وتساؤل آخر لا يقل أهمية، وهو ما هو أثر قرارات مجلس الشورى -التي تصدر كل عام على التقارير السنوية للوزارة- على تحسين مدخلات التعليم ومخرجاته؟ ومن المهم أن نعرف كذلك مدى مشاركة الميدان التربوي في صنع قرارات الوزارة.

واختتم "الموسى" حديثه بالإشارة إلى أن مثل هذا القرار يؤصل للمقولة التي تتردد على ألسنة الكثير من الناس، ومفادها أن وزارة التعليم تعتمد في عملها على الاجتهادات الفردية التي تتغير بتغير الأشخاص، ولا تركن إلى العمل المؤسسي الذي يكتب له -بإذن الله تعالى- الثبات والدوام، وفي هذا النهج ما الله به عليم من الهدر في الوقت والجهد والمال.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org