في احتفالها باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، في 17 يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة مجموعة من الحقائق الصادمة عن الواقع البيئي لكوكب الأرض، مبينة أن مشكلة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف تهدد بشكل مباشر 4 مليارات هكتار من الأراضي في العالم، وتؤثر على 1.5 مليار نسمة في 168 دولة بخطر المجاعة، وأن المشكلة نفسها تتسبب في تناقص حوالي 5.2 مليون هكتار من أراضي الغابات كل عام، ولتفت المنظمة إلى أن العالم سيحتاج إلى 300 مليون هكتار من الأراضي الإضافية؛ لإنتاج الغذاء بحلول عام 2030، بينما يتوقع أن ينخفض الإنتاج الزراعي بنسبة 2 في المئة خلال العقد المقبل؛ بسبب تضرر 12 مليون هكتار من الأراضي الزراعية كل عام.
وتركز البيانات السابقة النظر على حالة تدهور الأراضي في العالم، والأخطار الناجمة عنها، لكن نطاق المشكلة أكثر اتساعاً مما يبدو للنظر من هذه الزاوية، فتدهور الأراضي جزء من تغيير النشاط البشري لحوالي 75 في المائة من سطح الأرض، وما نتج عن ذلك منالضغط على الحياة الطبيعة لتنحصر في زاوية متناقصة المساحة من كوكب الأرض، كما أن المخاطر المتوقعة في حال عدم إيجاد حلول للمشكلة ستتفاقم، ولن تستمر عند نتائجها الحالية رغم فداحتها، إذ يتوقع خبراء أن يخسر الاقتصاد العالمي حوالي 23 تريليون دولار بحلول عام 2050؛ بسبب الجفاف وتدهور الأراضي والتصحر، وهذا التوقع غير مستبعد بالنظر إلى أن وتيرة تدهور الأراضي الصالحة للزراعة تقدر بمعدل يتراوح بين 30 و35 ضعف المعدل التاريخي.
ويتجاوب اهتمام رئاسة السعودية لقمة مجموعة العشرين 2020، بمشكلة تدهور الأراضي وتضرر النظام البيئي للأرض، مع كونها إحدى القضايا الملحة التي تفرض نفسها على سكان العالم، ويتطابق في الوقت نفسه مع الجدية التي تعالج بها الأمم المتحدة المشكلة، وينسجم من ناحية ثالثة مع ما ورد في الهدف 15 من "خطة التنمية المستدامة 2030"، التي أقرتها دول العالم في 2015، وينص على "التصميم على حماية الكوكب من التدهور، بما في ذلك من خلال الاستهلاك والإنتاج المستدامين، وإدارة موارده الطبيعية على نحو مستدام، واتخاذ إجراءات عاجلة بشأن تغير المناخ، حتى يتمكن من دعم احتياجات الحاضر والمستقبل، ووقف تدهور الأراضي وعكس اتجاهه".
وتجسد اهتمام المملكة بالمشكلة، في تخصيص إطار مستقل لها حمل عنوان "مكافحة تدهور الأراضي والمواطن الطبيعية"، من بين ستة أطر شملها محور "الحفاظ على كوكب الأرض"، وتنبني رؤية المملكة وموقفها من المشكلة على مواجهة المشكلة بالفعل، ومعالجتها من خلال المكافحة، في إطار المحافظة الشاملة على النظام البيئي للأرض، وبما يوقف الاختلالات التي لحقت به، كما ترتكز الرؤية على الإمكانات التي تملكها دول مجموعة العشرين في القــدرة علــى قيــادة المجتمــع الدولــي فــي العمــل نحــو الحــد مــن تدهــور الأراضــي، وإزالــة الغابــات للحفــاظ علــى التنــوع البيولوجــي، وتحقيــق الأهــداف المناخيــة، فالمشكلة ترتبط بكل سكان الأرض، وتتطلب جهوداً جماعية لحلها،مع اضطلاع مجموعة العشرين بدور قيادي وريادي أيضاً في مساعي التغلب عليها.