شاركت المملكة العربية السعودية أمس الأربعاء في أعمال مؤتمر الأمم المتحدة لاستكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلمية "يونيسبيس +50" في دورته الـ 50، الذي تستضيفه العاصمة النمساوية فيينا في الفترة بين 18 ـ 23 يونيو 2018.
وفي التفاصيل، رأس وفد السعودية بالمؤتمر الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد، رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية؛ وذلك باعتبار السعودية عضوًا مهمًّا في لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية بلجنتيها الفرعيتين (العلمية والتقنية) و(القانونية).
وأوضح الأمير الدكتور تركي بن سعود في كلمته خلال المؤتمر أن السعودية بذلت جهودًا كبيرة لنقل وتوطين علوم وتقنيات الفضاء، وتوظيفها للنهوض بالعديد من المجالات الحيوية للمملكة، منها التعليم، والصحة، وإدارة المياه والموارد الطبيعية، وتخطيط المدن، ومراقبة البيئة، والاتصالات، والملاحة الفضائية.
واستعرض الأمير تركي بعض إنجازات وجهود السعودية في مجال الفضاء وتطبيقاته؛ إذ أسهمت في بدايات اهتمامها بالفضاء بنظامي انتيلسات وانمارسات للاتصالات الفضائية الثابتة والمتحركة، ثم قامت في عام 1976م بدور محوري في تأسيس شركة عرب سات لتقديم خدمات الاتصالات الفضائية والبث المباشر للدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، وهي المشغل الرئيس في منطقة الشرق الأوسط الذي يقدم طيفًا كاملاً من الخدمات الإذاعية والتلفزيونية، والاتصالات، وخدمات النطاق العريض، والقنوات عالية الوضوح التي تصل إلى عشرات الملايين في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا ووسط آسيا. بعدها أطلقت القمر الصناعي عرب سات-1B بواسطة مكوك الفضاء الأمريكي ديسكفري عام 1985م، الذي شارك فيه رائد الفضاء العربي المسلم الأول صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز.
وبيَّن أن السعودية وضعت برنامجًا مستدامًا لتقنية وتطبيقات الأقمار الصناعية، يتضمن تأهيل العلماء والمهندسين والمختصين السعوديين، ونقل وتوطين التقنيات المتقدمة المتعلقة بمجالات الفضاء، وإنشاء بنية تحتية متطورة لدعم واستدامة صناعة فضائية في السعودية، ونجحت بين عامَي 2000 و2017م في إطلاق 13 قمرًا صناعيًّا سعوديًّا في المدارات الفضائية المنخفضة، إضافة إلى ثلاثة أقمار صناعية في طور الإطلاق لخدمات الاتصالات والاستشعار عن بُعد والتجارب العلمية. وسيتم في نهاية 2018 إطلاق القمر السعودي للاتصالات الثابتة للنطاق العريض Ka (SGS-1)، الذي يجري تطويره بالتعاون مع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية. ويتضمن هذا المشروع تأهيلاً متقدمًا للكوادر السعودية في مجال تصميم وبناء واختبار الأقمار الصناعية.
وذكر الأمير تركي أن السعودية أنشأت أول محطة أرضية في مجال رصد الأرض بالمنطقة لاستقبال الصور الفضائية من ثمانية أقمار صناعية تجارية، منها ورلدفيو الأمريكية، وسبوت وبليادس الفرنسية، بدقة تباين تصل إلى 31 سنتيمترًا، ويتم تشغيلها من قِبل مركز متخصص في مجال تقنية الاستشعار عن بُعد بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وفي الوقت الحاضر تمتلك السعودية كوادر قادرة على بناء أقمار صناعية بدقة تباين عالية؛ وسيُطلَق هذا العام قمران كهروضوئيان، وسيتبعهما أقمار صناعية أخرى في الأعوام القادمة لتلبية الاحتياجات المحلية. كما أن العمل جار على توسيع أسطول السعودية من أقمار الاستشعار عن بُعد من خلال بناء كوكبة منها، يمكنها أن توفر خدمات التصوير للأسواق المحلية والعالمية.
وأشار إلى أن السعودية نفذت في عام 2014م تجربة علمية على متن القمر سعودي سات -4 بالاشتراك مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" وجامعة ستانفورد، وحققت نتائج علمية مهمة، تتعلق بتطوير تقنية التحكم من خلال انعدام المقاومة (Drag Free Control)، كما تشارك في بعثات الاستكشاف التي تدرس طبيعة الأجسام القريبة من الأرض والكواكب، بما في ذلك القمر والمريخ، إضافة إلى مشاركتها حاليًا في مهمة "تشانق-4" لاستكشاف القمر التي تنفذها إدارة الفضاء الوطنية الصينية. وقد تم تثبيت حمولة استشعار عن بُعد سعودية على القمر الصناعي الصيني "لونق جيانق - 2" لتصوير سطح القمر. وقد تكللت هذه المشاركة بالنجاح.
وقال: تعتمد مهماتنا العلمية الفضائية في المستقبل على مفهوم استخدام الأقمار الصناعية صغيرة الحجم؛ وهو ما يؤدي إلى تحقيق نتائج علمية بتكلفة منخفضة مقارنة بالبعثات العالمية الحالية. مؤكدًا أن السعودية تسعى من خلال رؤيتها 2030 وبرامجها التنفيذية إلى مد جسور التعاون المشترك والبناء مع الدول التي تشاركها الاهتمام لاستكشاف الفضاء الخارجي، واستخدامه في الأغراض السلمية لما فيه مصلحة البشرية جمعاء.
وثمَّن الأمير الدكتور تركي بن سعود الجهود التي تبذلها الوفود المشاركة في المؤتمر لتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030م، واستدامة أنشطة الفضاء الخارجي في الأمد البعيد. مؤكدًا الدور الرئيس الذي تؤديه المبادئ الواردة في معاهدات الأمم المتحدة المتعلقة باستكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلمية، التي تشكل الأطر القانونية الكفيلة بالحفاظ على استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية.
وقدَّم في ختام كلمته تهنئة السعودية بمرور 50 عامًا على انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الأول لاستكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلمية، معبرًا عن شكره وتقديره لجهود لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية ولجنتيها الفرعيتين (العلمية والتقنية، والقانونية). والشكر موصول لمكتب شؤون الفضاء الخارجي ممثلاً برئيس المكتب السيدة سيمونيتى دبيبو.