"سنقطع رأسك.. لقد صدر لنا الأمر".. "سأطعنك أولاً ثم أربط قدميك ويديك وألقيك في البحر".. "سنقتلك ونطعمك للخنازير".. "أردوغان سيمزقك".. تلك كانت أقل الرسائل وطأة وبشاعة مما يصل نجم كرة السلة وNBA التركي أنيس كانتر، الذي يعيش حالياً جحيماً حقيقياً، ورعباً لا يوصف، بعد أن وصلته آلاف التهديدات ورسائل الكراهية عبر البريد وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي من أنصار ومريدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
اللاعب الشهير في فريق بوسطن سيلتكس الناشط في الدوري الأمريكي (NBA) لازال يدفع ضريبة معارضة الرئيس التركي، والبوح بكلمة الحق، بعد أن وضعت "أنقرة اسمه على قوائم الانتربول كمطلوب أمنياً، وألغي جواز سفره، فضلاً عن اعتقال والده، والتضييق على أسرته، إلا أن كل ذلك الأذى لا يثنيه بحسب ما كتب على "تويتر" عن انتقاد "أردوغان"، والتصريح بحاجة بلاده إلى قائد حقيقي يحترم الديمقراطية وحرية الرأي، وليس طاغية فاشياً، بحسب تعبيره.
وكتب "كانتر" على حسابه في "تويتر" ناشراً مجموعة من رسائل التهديد بالقتل التي وصلته: "الفاشي أردوغان يستغل رجاله لمواصلة إرسال تهديدات بالقتل إليّ. تلك فقط بعض من آلاف التهديدات بالموت التي تصلني يومياً". مضيفاً: "لن أتوقف حتى تتحرر كل روح بريئة في السجون التركية. أنا في رأسك أيها الطاغية أردوغان".
ما القصة؟
منذ أن أعلن "كانتر" معارضته للرئيس التركي وسياساته، وإعجابه بالمعارض الشهير فتح الله كولن، وفتحت على نجم السلة أبواب الجحيم، فطالته الملاحقات القضائية، وجُرد من جواز سفره، وطال التضييق أسرته ووالده الذي تعرض للاعتقال والسجن، فيما تم طرد عائلته بالكامل من أعمالهم، برغم إجبارهم على التبرئ منه؛ حتى يسلموا من مضايقات السلطات التركية.
ففي 2 يونيو 2016 كتب "كانتر" تغريدة باللغة الإنجليزية على حسابه الرسمي، مفادها: "لقد تم اعتقال والدي من قِبل السلطات التركية وهتلر هذا القرن (في إشارة للرئيس التركي). من المحتمل أن يتعرض للتعذيب مثل الآلاف غيره".
ولم تمر تلك التغريدة مرور الكرام، فبسببها طالب المدعي العام التركي في ديسمبر 2018 بسجن "كانتر" 4 سنوات على خلفية انتقاده "أردوغان"، وهو شيء غير مسموح به في تركيا، كما ألغت السلطات التركية جواز سفر لاعب السلة في مايو 2018، وصدر أمر باعتقاله بعد أن اعتبرته محكمة تركية "هارباً" بسبب تأييده المعارض التركي فتح الله كولن، وتنامت المخاوف في الولايات المتحدة مما قد يفعله النظام التركي لدرجة أنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) اتخذ إجراءات احتياطية لمحاولة حماية اللاعب.
كما تعرض اللاعب للتشهير الإعلامي من وسائل الإعلام التركية، بالإضافة إلى تعمدهم حذف إنجازاته مع المنتخب التركي، وعدم الإشارة إلى إسهاماته الرياضية مع فريقه في دوري السلة الأمريكي، وتصويره على كونه عدو الدولة، وليس معارضاً سياسياً، ومنتقداً سلمياً للرئيس التركي.
وقبل نحو عام ونصف العام رفض النجم التركي مرافقة فريقه الأمريكي إلى لندن لأداء إحدى مباريات الدوري الترويجية في العاصمة البريطانية؛ وذلك خشية أن يتعرض للقتل على يد أنصار الرئيس التركي في بريطانيا. وصرح وقتذاك "كانتر" لوسائل الإعلام: "لقد قال لي أمن فريقي: إن كنت ستذهب فلن يمكنك مغادرة غرفتك، أو القيام بأي أنشطة خلال الوقت الذي ستمضيه في لندن"، في إشارة إلى خوفهم على حياته، وعدم قدرتهم على التنبؤ بما قد يقدم عليه أنصار الرئيس التركي.
ويصف "كانتر" نفسه بأنه "صوت" للمضطهدين الذين يعاملهم "أردوغان" بشكل غير عادل في تركيا، بحسب ما يذكره اللاعب دائماً، وإنه لن يصمت أبداً ويهنأ بحياته الرياضية الناجحة في ظل ما تتعرض له بلاده ومواطنوها الأبرياء من ديكتاتورية الرئيس التركي ونظامه.