أعربت المملكة العربية السعودية عن أسفها وغضبها من أن مجلس الأمن الدولي قد وقف حتى تاريخ اليوم عاجزًا، ولم يتمكن من إصدار بيان يدين فيه هجمات وممارسات ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران تجاه المملكة العربية السعودية وأراضيها والمدنيين فيها، متسائلة حول مدى فاعلية المجلس، وقدرته على أداء دوره.
جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمام مجلس الأمن في اجتماعه المنعقد تحت البند "الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية"، التي سلَّمها مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله بن يحيى المعلمي.
وأوضح السفير المعلمي أن المملكة العربية السعودية تقف على إرث عظيم من المبادئ والثوابت التي ترتكز عليها سياستها الخارجية، المتمثلة باحترام سيادة الدول وحُسن الجوار، وحل القضايا والنزاعات بالحوار والطرق السلمية التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة والأعراف والقوانين الدولية.
وشدَّد على أن السعودية لم تبرح هذه المبادئ، وكانت من الدول السبّاقة في اتخاذ ذلك منهجًا تطبيقيًّا لها في تعاطيها مع القضايا والصراعات من أجل الوصول للهدف المنشود الذي من أجله أُنشئت الأمم المتحدة، وهو صون الأمن والسلم الدوليَّيْن، مشيرًا إلى أنه على النقيض من ذلك فالدول القائمة بالاحتلال أو تلك التوسعية بالمنطقة لا تكترث إلا بتحقيق مصالحها بغض النظر عن تهديد أمن واستقرار المنطقة وتدمير مصير العديد من شعوب دول المنطقة.
وقال السفير المعلمي: تشكل القضية الفلسطينية أكبر الصعوبات التي تواجه المنطقة في تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار والتنمية؛ وعليه فإن بلادي تؤكد على نهجها الثابت ومواقفها الراسخة تجاه القضية الفلسطينية، ووقوفها مع الشعب الفلسطيني للوصول إلى حل عادل وشامل لقضيتهم، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي أقرتها القمة العربية في عام 2002م، التي تدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967م، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وجدد دعوة المملكة العربية السعودية المجتمع الدولي ومجلس الأمن للوقوف بحزم تجاه السياسات الإسرائيلية العدائية والتوسعية، والدفع بعملية السلام قُدمًا للوصول إلى اتفاق يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة؛ إذ إن السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي، وليس سياسات الأمر الواقع والقوة الجبرية الغاشمة.
ودان السفير المعلمي -باسم حكومة السعودية- الهجمات الإرهابية الغاشمة التي تقوم بها الميليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران على المدنيين والمواقع المدنية بالسعودية، التي كان من ضمنها الهجمات على مطارَي أبها وجازان، وأسفرت عن إصابات بين المدنيين من جنسيات مختلفة.
وأضاف: إن ذلك لهو استمرار للنهج الذي تتخذه هذه الميليشيات بحق المدنيين منذ بداية الصراع، وآخر الأمثلة على ذلك هو ما تفرضه من حصار وتجويع لأكثر من 37 ألف شخص من المدنيين في مديرية العبدية بمحافظة مأرب، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، منذ سبتمبر الماضي، واستهدافها المستشفى الرئيسي والوحيد فيها بالصواريخ الباليستية، وقصفها المستمر بالأسلحة الثقيلة والطائرات المسيَّرة على المديرية، وعدم سماحها للمصابين بالخروج لتلقي العلاج، ومنع وإعاقة دخول الإمدادات الطبية والمساعدات الغذائية من خلال إغلاق الطريق الوحيد المؤدي إلى المديرية التي تعاني نقصًا وعجزًا في جميع أنواع الاحتياجات الأساسية اليومية بسبب الحصار، في واحدة من أبشع وأكبر الجرائم بحق الإنسانية.
وأهاب بمجلس الأمن أن يتخذ الخطوات اللازمة والحازمة لردع الحوثيين من تهديد حياة المدنيين للخطر، مؤكدًا على حق السعودية الكامل في اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية أمن واستقرار أراضيها والمواطنين والمقيمين بها من أي هجمات إرهابية وفقًا لالتزاماتها بالقانون الدولي.
وأبان أن السعودية تُحمِّل الميليشيا الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران تداعيات الأزمة اليمنية ومفاقمة الوضع الإنساني في اليمن؛ إذ استمرت هذه الميليشيات في تفضيل المصالح السياسية الضيقة على مصلحة الشعب اليمني وأمن واستقرار المنطقة.
وأكد دعم السعودية جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن للوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار، والبدء بعملية سياسية شاملة للوصول للحل المنشود القائم على المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن 2216).
وتابع معاليه القول: وسط كل التحديات التي تشهدها المنطقة العربية نجد أن سلوك النظام الإيراني العدائي يمثل خطرًا داهمًا ورئيسيًّا في زعزعة أمن واستقرار المنطقة، وتهديد أمن ومستقبل شعوبها وازدهارها، نتيجة أيديولوجيات الهيمنة والإقصاء التي تعتنقها السلطات الإيرانية، مؤكدًا أن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وزرع الفتن الطائفية، وتمويل ودعم الجماعات المتطرفة والانقلابية، ونشر الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، غيضٌ من فيض مما يمكن ذكره.
ولفت الانتباه إلى أن ما يقوم به النظام الإيراني من انتهاج سياسات تخريبية وتدميرية ودمار في المنطقة، ومحاولات لامتلاك أسلحة نووية؛ الأمر الذي ينبغي أن يعالَج بحزم لتجنب المزيد من التصعيد والتهديد للأمن والسلم الدوليَّيْن.
وجدَّد السفير عبدالله المعلمي في ختام الكلمة تأكيد السعودية أهمية اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته لإيقاف سلوك وسياسات إيران في المنطقة، ومنعها من امتلاك سلاح نووي، وإيقافها من الاستمرار في أنشطتها النووية المزعزعة للأمن والسلم الدوليَّيْن، وفي تطوير منظومة الصواريخ الباليستية، وخلاف ذلك من الممارسات العدوانية.