بارك الدكتور والمستشار القانوني محمد المحمود؛ صدور نظام مكافحة التحرُّش، واصفا التحرُّش، بأنه نوعٌ من أنواع العنف والقهر ليس له مقدارٌ محدّدٌ لكن جوهره الفعل المرفوض، والمنُظم ركّز كثيراً على تهيئة بيئة العمل للمرأة بعيداً عن أيّ استغلال من قِبل صاحب السلطة، مؤكداً أن مساواة النظام بين المرتكب الأصلي للجُرم وبين المُبلغ كيدياً سابقة تاريخية في الأنظمة السعودية.
وقال المحمود؛ لـ "سبق": لاحظنا أن المادة الخامسة من النظام أوجبت على الجهات المعنية في القطاعين الحكومي والأهلي، وضع التدابير اللازمة للوقاية من التحرُّش ومكافحته، ثم جعل المنظّم السعودي جريمة التحرُّش في مكان العمل أو الدراسة ظرفاً مشدّداً في العقاب".
وأضاف: "كذلك ما إذا كان للجاني سلطة على المجني عليها؛ كالسلطة التقديرية في الحوافز والترقيات وقبول التعيين والفصل وغير ذلك مما يدل دلالة واضحة على حرص المنظم على توفير بيئة صحية نظيفة بعيدة كل البُعد عن الاستغلال والقهر وكل ما من شأنه الإذلال والنيل من الكرامة".
وأكدّ: "مما تميّز به النظام حرصه على ترسية الأخلاق الفاضلة في المجتمع؛ فلم يجعل تحريك الدعوى الجزائية في جرائم التحرُّش مقتصراً على الإبلاغ من الضحية، فربما يسكت عن تقديم الشكوى، فأجاز للمجتمع ممثلاً بالجهة التي تمثله في اتخاذ ما تراه محققاً للمصلحة العامة في إقامة الدعوى العامة ضدّ كل مَن تصدر منه أفعال فاضحة وتحرُّشات جنسية وإيماءات منافية للآداب".
وتابع: "حتى لو لم يكن هناك متضرّر تقدّم ببلاغ أو شكوى، وهذا يؤكّد حرص المنظّم على حماية الأخلاق والآداب العامة حماية تشريعية وفي الوقت نفسه نجد أن المنظّم قطع الطريق على كل مَن يكيد للآخرين ويستخدم التهديد بالشكوى وسيلة ضغط وابتزاز لنيل مطالب غير مشروعة أو لتحقيق نزعة انتقامية".
وأكمل: "نلاحظ أن المنظّم في مادته السابعة ساوى في العقوبة بين الجاني الحقيقي في جريمة التحرُّش وبين المدعي زوراً وقوع جريمة التحرُّش عليه أو ادّعى كيداً تعرُّضه لها، وهذه إشارة صريحة إلى زجر وردع كل مَن يستخدم سلطة النظام في تحقيق مصالح مزعومة وتلبية أحقاد سابقة".
واختتم "هذا من وجهة نظري سابقة في الأنظمة السعودية؛ فلا أعلم نظاماً ساوى في العقوبة بين الفاعل الأصلي للجريمة وبين المدعي بها كيداً وزوراً ما يدل على رغبة أكيدة وملحّة للمنظّم السعودي على قطع الطريق على أصحاب البلاغات الكيدية والكاذبة في هذا المجال".