كان العقار قبل سنوات خلت، ربما قبل خمس عشرة سنة، تزيد أو تنقص، في متناول الجميع، ما بين عقارات، وأراضٍ.. بأسعار معقولة، وتتناسب مع ظروف الكثير، على الرغم من قلة القروض أو عدمها في ذلك الوقت مقارنة بالوقت الحالي، التي تعطَى اليوم بشكل موسَّع لكل الموظفين، ومنذ سنوات قريبة ليست بعيدة، ولكن بمجرد دخول دخلاء على مهنة العقار - أضحت "مهنة من لا مهنة له!!" - من بعض فئات المجتمع، وخصوصًا من الموظفين، ساهم بعضهم في رفع أسعار الأراضي والعقار إلى أسعار خيالية، خاصة في المدن الكبرى، بصورة غير مسبوقة في تاريخ البلاد؛ الأمر الذي جعل بعضهم يجمعون الثروة من أقصر أبوابها، وأصبحوا بين ليلة وضحاها من الأثرياء. وبطبيعة الحال، كثير منهم تركوا أعمالهم، وتفرغوا لتجارة العقار، وفي "تجارة التراب!!" التي تدر عليهم ذهبًا؛ ما دعا الكثير يطلق عليهم بعدها لقب "تجار التراب"، ذلك التراب الذي كان رخيصًا ومتوافرًا بكثرة، وجعلوه غاليًا، حتى أصبح أغلى من الذهب، وهو يعتبر حدثًا تاريخيًّا غير مسبوق ربما في التاريخ..!!
وفي ظل الحملة على الفساد التي طالت مسؤولين كبارًا، لم نكن نتصور أن يتورط بعضهم في قضايا فساد بهذا الحجم، هل ستطول حملة الفساد الكبيرة تلك بعض تجار وهوامير العقار؟! الذين تلاعبوا في الأسعار، واحتكروا الأراضي لسنوات طويلة جدًّا، وتسببوا في غلاء فاحش، ذهب ضحيته كثير من المواطنين عبر تحمُّلهم ما لا طاقة لهم به من ديون عبر قروض بالملايين، تُقتطع من رواتبهم شهريًّا لسنوات كثيرة، تصل لـ 15 و20 عامًا، وذنبهم الوحيد أنهم اضطروا لشراء تلك الأراضي الغالية جدًّا، أو بعض تلك العقارات الغالية جدًّا في ظل عدم وجود البديل!!
ولذلك، ومن هذا المنبر، نطالب بكشف فساد "تجار التراب"، وضرورة محاسبتهم، ومطالبتهم بإعادة المبالغ التي تحمَّلها المواطنون بغير ذنب، أو إعادة فَرْق سعر تلك الأراضي والعقارات التي تم بيعها بسعر فاحش جدًّا، وإعطاء الفرق للمواطنين المتضررين.. وأيضًا جنبًا إلى جنب محاسبة بعض البنوك، التي تستقطع أكثر من 3 أرباع رواتب بعض الموظفين من المواطنين، والتي ترهن رواتبهم وبيوتهم خلال سنوات عدة، مستغلين - أي البنوك، وتجار التراب - حاجة الناس للمسكن بعدما يئسوا من حلول وزارة الإسكان!! وبغير تلك العقوبات لن يُشفى غليل الناس من أولئك الهوامير، الذين تلاعبوا بالأسعار لعقود من الزمن، دون رادع لهم من ضمير أو حسيب يعيدهم إلى جادة الصواب. والله الموفق لكل خير سبحانه.