بالبيانات والأرقام يؤكد الكاتب والمحلل الاقتصادي عبدالحميد العمري، أن متوسط سعر الوحدة السكنية المناسب للمواطن السعودي تتراوح بين 354 ألف ريال و442 ألف ريال للمسكن الواحد، لمن كان راتبه 7372 ريالاً شهرياً، بينما يكون سعر المسكن بين 144 ألف ريال و180 ألف ريال كحد أعلى، لمن كان راتبه نحو 3 آلاف ريال شهرياً، معتبراً أن السعر المناسب للمسكن يجب أن يكون أربعة أو خمسة أضعاف متوسط الدخل السنوي للمواطن، وألا يزيد على ذلك.
المسكن 5 أضعاف الدخل السنوي
وفي مقاله "ما الأسعار المناسبة للأراضي والمساكن؟" بصحيفة "الاقتصادية"، يلفت "العمري" إلى أن تعبير "السعر المناسب" يختلف بين المواطن طالب المسكن والمواطن مالك العقار، وهي فجوة سعرية يجب معالجتها، ثم يؤكد الكاتب أن سعر المسكن المناسب حسب قوانين السوق العقارية يجب أن يكون أربعة أو خمسة أضعاف الراتب السنوي للمواطن، ويقول: "يمكن تحديد "السعر المناسب" لتملك المواطن مسكنه.. بالاعتماد هنا على مضاعف سعر المسكن إلى دخل المواطن السنوي، الذي يراوح بين أربعة وخمسة أضعاف، المتمثل في عدد السنوات اللازمة لامتلاك الفرد مسكنه، بقسمة السعر السوقي للمسكن المستهدف بالشراء على إجمالي دخله السنوي كاملاً دون أي خصم منه، وحال ظهور قيمة الناتج لتلك العملية المحاسبية بأرقام تبدأ من خمسة أضعاف "سنوات" فما دون، فذلك يعني أن "الأسعار مناسبة" وعادلة أيضاً، فيما ستعد أسعاراً غير مناسبة إذا ما تجاوزت معدل خمسة أضعاف "سنوات" فأكثر".
لمن راتبه 7 آلاف ريال شهرياً
ويقدم "العمري" عملية حسابية يصل من خلالها إلى السعر المناسب ويقول: "بناء عليه؛ ووفقاً للنتائج الأخيرة لمسح التوظيف والأجور 2017 الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الذي حدد المتوسط العام لأجور السعوديين "الذكور، الإناث" العاملين في مختلف القطاعات عند 7372 ريالاً شهرياً (88470 ريالاً سنوياً)، فالحديث هنا عن أسعار مناسبة للمساكن تراوح بين 354 ألف ريال و442 ألف ريال للمسكن الواحد".
الفيلا 4 أضعاف المسكن
وعن أسعار الفلل، يقول "العمري": "بالنظر إلى متوسط الأسعار الراهنة للوحدات السكنية "الفلل السكنية" في سوق العقار، على الرغم من انخفاضها بمتوسط 30 في المائة خلال 2014 - 2018، إلا أنها تعد أعلى من تلك المستويات المناسبة والعادلة بمضاعفات تتأرجح بين ثلاثة وأربعة أضعاف تلك الأسعار".
ذوي الأجور الأدنى
ويمضي "العمري" قائلاً: "في هذا السياق؛ يجب الأخذ في عين الاعتبار شريحة ذوي الأجور الأدنى، مقارنة بذلك المتوسط العام للأجور المشار إليه أعلاه، الذين يمثلون شريحة كبيرة في منشآت القطاع الخاص، حيث كشفت بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بنهاية 2017 عن وجود 843.1 ألف عامل سعودي (47.4 في المائة من إجمالي العمالة السعودية بالقطاع الخاص)، أن أجورهم الشهرية تبلغ ثلاثة آلاف ريال شهرياً فما دون (36 ألف ريال سنوياً)، وهو ما يعني أن "الأسعار المناسبة" للمساكن الملائمة لهذه الشريحة من المواطنين وفقاً للمضاعف المشار إليه أعلاه، ووفقاً لمستوى أجورهم السنوية، يجب أن تتحرك تلك "الأسعار المناسبة" للمساكن بين 144 ألف ريال و180 ألف ريال كحد أعلى".
رأي التجار.. مليون ريال
ثم يتوقف "العمري" أمام رأي تجار العقار في أسعار المساكن ويقول: "آتي الآن لمستوى "الأسعار المناسبة" من وجهة نظر تجار الأراضي والعقارات والمطورين، التي لا عجب أبداً أنها تفوق حتى المستويات الراهنة للأسعار، التي تعرضت للانخفاض في المتوسط بنسبة 30 في المائة خلال 2014 - 2018، ولا عجب أن قرأت أو سمعت منهم أنها يجب أن تتنامى سنوياً حسب وجهة نظرهم، المستندة طبعاً إلى تحقيق أهدافهم الربحية دون النظر إلى أية اعتبارات أخرى، بمعدلات 10 إلى 15 في المائة سنوياً، أي أن ما سعره في الوقت الراهن يبلغ 1.0 مليون ريال، يجب أن يصل إلى 1.15 مليون بعد عام من الآن، ويصل في منظور نهاية عقد زمني قادم وفق معدلات الربحية تلك إلى أعلى من 3.5 مليون ريال!".
لماذا ارتفعت أسعار المسكن؟
وفي رصد لأسباب زيادة أسعار المساكن في المملكة يرى "العمري" أن الاحتكار والمضاربة والتلاعب بالأسعار هي الأسباب، مثنياً على الدولة في تصديها لتلك الممارسات ويقول: "ما الأسباب الفعلية التي أدت إلى تضخم الأسعار وارتفاعها؟ إنه في الأغلب إن لم يكن كله، نتج عن ترسب تشوهات هائلة في سوق العقار المحلية (احتكار، مضاربة)، أقرت الدولة -أيدها الله - لمحاربتها نظام الرسوم على الأراضي البيضاء، كأول أداة لردعها ومحاربتها. عدا الممارسات الفاسدة الأخرى التي اقترنت بها تلك التشوهات، من استحواذ غير مشروع على مساحات شاسعة من الأراضي، والتلاعب بالأسعار عبر كثير من المساهمات العقارية والمزادات المقترنة بها، بدأت الدولة -أيدها الله- بالضرب على رأسه خلال الأعوام الأخيرة بصورة حازمة وصارمة".
السعر المناسب يعالج الأزمة
ثم يطالب "العمري" الدولة بمواصلة التصدي لتلك الممارسات للوصول إلى "سعر مناسب" يلائم المواطن والتاجر، ويقول: "للوصول فعلياً بالأسعار المتضخمة الراهنة للمساكن إلى مستوياتها "المناسبة" أمام الشريحة الأكبر من المواطنين، أن يحدث انخفاض في أسعار المساكن بنسب تراوح بين 60 و70 في المائة، التي سينتج عنها انفراج مهم في أزمة تملك المساكن بالنسبة للمواطنين، ويحدث بناء عليه تقدم فعلي وملموس على طريق معالجة تلك الأزمة التنموية الكأداء".