أصبح الغسيل البريتوني خياراً آمناً، وإجراءً اعتيادياً لمرضى الفشل الكلوي منذ مطلع الستينيات الميلادية، حيث يهدف إلى تحسين جودة حياة المصابين بالفشل الكلوي، مع وعد بتقليل عدد زيارات المستشفى إلى مرة واحدة شهريًا، كبديل عن الروتين الشاق للغسيل الدموي الذي يتطلب ثلاث زيارات أسبوعية تمتد كل واحدة منها إلى أربع ساعات.
وقد تحول الغسيل البريتوني إلى خيار مثالي لمن يسعون لتقليل التأثير المباشر لعلاج الفشل الكلوي على حياتهم اليومية.
ويتيح الغسيل البريتوني للمرضى إمكانية تنفيذ عملية الغسيل ذاتياً، وبشكل آمن، وذلك عبر عمل قسطرة صغيرة في البطن، مخصصة لوضع محلول يصل إلى غشاء "الصفاق" الموجود في البطن، والمحتوي على مسامات صغيرة يتم عبرها "فلترة" الجسم بشكل مستمر، وسحب السوائل والسموم إلى خارجه عبر هذه الثقوب الطبيعية، ويتلاءم الغسيل الذاتي مع تطلعات المرضى الأصغر سنًا، وأولئك الراغبين في مواصلة مسيرتهم المهنية والسفر دون الحاجة إلى التقيد بجداول الزيارات المتكررة إلى المستشفى لإجراء غسيل الكلى.
ومع تزايد عدد المصابين بالفشل الكلوي في المملكة، الذين يُقدرون بنحو 30 ألف مريض ومريضة؛ لم تتجاوز نسبة الذين يخضعون للغسيل البريتوني 8% من إجمالي المرضى، الأمر الذي يشكل ضغطًا كبيرًا على وحدات غسيل الكلى في المستشفيات، رغم تأكيد الخبراء أن أكثر من نصف المصابين مؤهلون للاستفادة من تقنية الغسيل البريتوني.
وضمن جهوده للتوعية بهذا الخيار العلاجي؛ نفذ مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث فعالية توعوية للمرضى والزائرين بمناسبة اليوم العالمي للكلى؛ بهدف التعريف بمزايا الغسيل البريتوني، وكيفية تنفيذه، والفئات التي توصى باستخدام هذا النوع من الغسيل، ويوفر هذا الخيار العلاجي مرونة واسعة في إجرائه من حيث المكان والزمان، ما يمكّن المرضى من الحفاظ على نمط حياة نشط أكثر مقارنة بالغسيل الكلوي الدموي الذي لا يوصي به الطبيب إلا في حال عدم ملاءمة الخيار الآخر لحالة المريض.
ويخضع المرضى للتدرّب على آلية تنفيذ الغسيل قبل الخضوع له، وعند عدم قدرة أحدهم مثل فئة المرضى من كبار السن؛ يتم تدريب أحد أقاربهم ممن يسكنون مع المريض في المنزل نفسه.
ورغم المزايا المتعددة للغسيل، إلا أن هذا الخيار لا يناسب جميع المرضى، خصوصاً الذين لديهم ندبات جراحية واسعة في البطن نتيجة الخضوع لعدة جراحات، كذلك الذين يعانون من التهاب الأمعاء، أو نوبات متكررة من الانسدادات المعوية، الأمر الذي يؤثر على سلامة وفعالية هذا الخيار العلاجي.