
أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) الأسبوع الماضي عن حظر استخدام الصبغة الحمراء 3 في الأطعمة والمشروبات والأدوية الفموية، وذلك ضمن خطة زمنية تدريجية تنتهي بحلول عام 2028.
ويُعدّ هذا القرار استجابةً لالتماس قدمته مجموعة مكونة من 24 منظمة وخبيرًا معنيين بسلامة الأغذية والصحة في عام 2022، والذين دعوا الإدارة إلى إلغاء ترخيص هذه الصبغة استنادًا إلى نتائج دراسات أظهرت ارتباطها بالإصابة بنوع من السرطانات في فئران التجارب.
جاء هذا الحظر تنفيذًا لبند "ديلاني" (Delaney Clause)، الذي يلزم الإدارة بحظر أي مادة مضافة يثبت تسببها بالسرطان لدى البشر أو الحيوانات.
وحول هذا الموضوع أوضح، خبير تعزيز الصحة والتواصل الصحي الدكتور عبدالرحمن يحيى القحطاني أن بعض الدراسات المحدودة كشفت عن إصابة ذكور فئران التجارب بالسرطان عند التعرض لمستويات عالية من الصبغة الحمراء 3، وذلك نتيجة تأثيرها على العمليات الهرمونية.
وأضاف أن هذه الصبغة تُصنع من مشتقات بترولية وتُستخدم لإضفاء لون كرز زاهٍ على بعض المنتجات الغذائية، مثل الحلويات، الكعك، الكب كيك، والآيس كريم، مشيرا إلى وجود أدلة محتملة على تأثير هذه الصبغات المصنعة على صحة الأطفال العقلية وسلوكهم، من خلال ظهور تأثيرات عصبية سلوكية.
ذكر الدكتور القحطاني أن الصبغة الحمراء 3 تُضاف إلى أكثر من 9,000 منتج في الولايات المتحدة، تشمل الأطعمة والمشروبات والأدوية الفموية ومستحضرات التجميل والمكملات الغذائية، مشيرًا إلى أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أعطت مهلة زمنية للشركات الغذائية لتعديل منتجاتها بحلول يناير 2027، وللأدوية الفموية حتى يناير 2028، منوهًا إلى أن الإدارة الأمريكية كانت قد حظرت استخدام هذه الصبغة في الأدوية الموضعية ومستحضرات التجميل منذ عام 1990، مما يشير إلى تاريخ طويل من التوجه نحو تقليل استخداماتها.
في السياق ذاته، أشارت هيئة الغذاء والدواء السعودية عبر حسابها في "تويتر" إلى اتخاذ تدابير احترازية منذ عام 2019، شملت منع استخدام الصبغة الحمراء 3 في الحلويات، وأكدت الهيئة عدم وجود أدلة علمية قاطعة تثبت تسبب الصبغة بالسرطان لدى الإنسان عند مستويات الاستخدام المسموح بها وفق تقارير بعض المنظمات العالمية.
تعليقًا على ذلك، دعا الدكتور القحطاني إلى إصدار بيان توضيحي أكثر تفصيلًا من الهيئة، يوضح الموقف الحالي من استخدام الصبغة في المنتجات الأخرى، مثل الأدوية ومستحضرات التجميل والمكملات الغذائية مشيرًا إلى أن حظر الصبغة في الحلويات فقط لا يكفي، خاصة في ظل قرار إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بحظرها بشكل كامل في الأطعمة والمشروبات والأدوية الفموية.
وأكد الدكتور القحطاني أن استخدام الصبغة الحمراء 3 يقتصر على أغراض تسويقية لإضفاء مظهر جذاب على المنتجات، دون وجود ضرورة صحية لذلك، داعيًا إلى استبدالها بالألوان الطبيعية التي يمكن أن تؤدي الغرض نفسه دون تعريض صحة المستهلك للمخاطر المحتملة، منوهًا إلى أن مركز العلوم للمصلحة العامة الأمريكي (CSPI) كان من أبرز المطالبين بحظر الصبغة، حيث لعب دورًا محوريًا في الضغط لاتخاذ هذا القرار.
وحول كيفية تعرف المستهلك على المنتجات التي تحتوي على الصبغة الحمراء 3، أوضح الدكتور القحطاني أنها تُدرج تحت مسميات مختلفة مثل "E127"، "الصبغة الحمراء 3"، "FD&C Red 3"، أو "إريثروسين" (Erythrosine).
وأشار القحطاني إلى ما يتداوله بعض الخبراء الأمريكيين بشأن تأخر حظر الصبغة الحمراء 3 لعقود بسبب ضغوط محتملة من قبل شركات الأغذية على الجهات التنظيمية، مؤكدًا أن اتخاذ قرارات صارمة لحماية المستهلك يتطلب مقاومة تأثير هذه الصناعات، خاصة عندما تكون الأدلة العلمية حول سلامة المادة المضافة غير حاسمة.