بهدف تطوير "إستراتيجيات" تجذب المتسوّقين وتدفعهم لشراء منتجات أكثر من خلال وضعهم تحت "ضغوط تسويقية" تؤثر في قراراته، يبذل التجار والباعة جهوداً كبيرة لدراسة تصرفات المُستهلكين.
ويمكن القول إن متاجر البقالة الكبرى والهايبرماركت، هي المكان الأفضل لتنفيذ "إستراتيجيات الضغوط التسويقية"، حيث يتم تحويلها "عن قصد" إلى مساحة تمزج بين الروائح الشهية والألوان المبهجة والكلمات الحماسية التي تقودنا لشراء أشياء دون تفكير.
النقطة الأبرز التي يتمناها "التجار والباعة"، وفق سكاي نيوز عربية، هي أن تأتي إليهم وأنت تشعر بالجوع ليتمكنوا من تطبيق خطتهم بإحكام، خصوصاً أن مفهوم "التسوّق المقترن بالجوع" يدفع المستهلكين إلى اتخاذ قرارات عاطفية وليس عقلانية.
وتقول المعالجة النفسية في علم النفس غادة الهواري، إن هناك ارتباطاً بين نفسية الإنسان والأكل الذي يشعره بالمتعة عند تناول طعام لذيذ وعند الجوع، مشيرة إلى أن "الجوع" يلعب دوراً كبيراً في إقبال الزبائن على شراء المنتجات، فذهاب المستهلك للتسوق عندما يكون جائعاً يعتبر بمكانة وصفة كارثية تدفعه للاستسلام أمام "الإغراءات" وشراء حلويات ووجبات وأمور لم يكن يحتاج إليها.
وبحسب الهواري، فإن نتائج دراسات عدة أكّدت "أن الجوع يعزّز الشراء بشكل عام" خصوصاً في متاجر البقالة الكبرى والهايبر ماركت، فعندما يشتهي المرء الطعام بسبب الجوع، يميل إلى فقدان ضبطه للنفس، ولا سيما إذا كان محاطاً بالسلع اللذيذة، وهذا ما يدفعه إلى "ابتلاع طعم" المتاجر الكبرى التي تحاول بيع مزيدٍ من البضائع بشتى الطرق الممكنة.
وترى الهواري، أن هذا الواقع ليس بحاجة إلى الدراسات لتأكيده، فأغلب الأفراد يستطيعون ملاحظة أنه عند شعورهم بالجوع تتغير طباعهم، ليعودوا إلى طبيعتهم بعد تناول الطعام، مشيرة إلى أن متاجر البقالة الكبرى تملك كثيراً من عناصر القوة التي تستطيع من خلالها توجيه "دماغ المستهلك" لناحية منتج بعينه، لكن بالنسبة لها فإن مفهوم "التسوق المقترن بالجوع" يُسهّل عملية جذب وإقناع المستهلك بمنتجات لم يكن يريدها أصلاً.
من جهته، يقول خبير تصدير الأغذية وليد جبارة، إنه ينبغي للعميل أن يفهم ثقافة متاجر البقالة الكبرى كي لا يقع ضحية إستراتيجيات الإغراء التي تعتمدها، خصوصاً أن هذه المتاجر لا يتم بناؤها عشوائياً، بل إن مَن قام بتصميمها يدرك جيداً كيفية تحويل كل زاوية منها لعامل جذب يجعلنا أكثر قابلية لتبديد أموالنا.
وبحسب جبارة، وهو مالك مصنع بروفرو إندستريز للأجبان المطبوخة، فإن إحدى أهم الطرق لمكافحة الإغراءات التي تعتمدها متاجر البقالة الكبرى، هي الذهاب على بطن ملآنة، مشيراً إلى أن هذا التصرف يحبط وبنسبة كبيرة مفاعيل "الضغوط" التي يضعها التجار على الزبائن.
ووفقاً لجبارة فإن "محاربة الحيل" في متاجر البقالة الكبرى يحتاج أيضاً إلى تطبيق خطة متكاملة من المستهلك، مثل إعداد قائمة بالمشتريات؛ ما يساعد على تجنب الشراء الاندفاعي الذي يُعد من الأخطاء الأكثر تكلفة، داعياً إلى عدم الالتفات إلى المغريات أو المحفزات المحيطة، مثل عبارات "عروض" و"خصومات" وتحديد توقيت معين للتسوق وإلى تجنب الذهاب إلى متاجر البقالة الكبرى في حال كان المستهلك يحتاج إلى سلعة واحدة أو اثنتين، مع التركيز على شراء سلع طازجة، وبكميات قليلة حسب الحاجة.