
إدارة الفرد لأمواله والتحكم فيها من الأمور الصعبة؛ وهو ما يؤدي إلى ارتكاب أخطاء فادحة تضع الشخص في وضع مالي صعب طوال حياته.
ورغم أن بناء عادات مالية جيدة وقوية أمر مهم للغاية، فإن تأثير الظروف الحياتية اليومية يدفع الفرد إلى اتخاذ قرارات مالية غير عقلانية، ترتدّ عليه بشكل كارثي وتدمّر مستقبله.
ويرى الخبراء أن السبب الأوّل في ذلك هو غياب "الوعي المالي"، بسبب عدم الاهتمام بتدريس مبادئ المال في المدارس.
خبير الإدارة المالية حسان حاطوم، أكّد أنه مما لا شك فيه أن اتخاذ الفرد لقرارات مالية غير عقلانية، عبر الإنفاق المفرط على أمور لا تشكّل أولوية، واعتقاده أنه المتحكّم الوحيد في تحديد المسار الذي ينتظره في المستقبل؛ يعتبران من الأخطاء المالية التي تجعل مستقبله المالي غير مستقرّ. لكن الخطأ الكبير الذي يمكن أن يدمر مستقبل أي شخص، خصوصًا في العصر الحالي، يتمثل في إنفاق الفرد لأموال لا يمتلكها على أمور لا يحتاجها.
ويضيف "حاطوم"، وفق سكاي نيوز عربية: أن بعض الصفحات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي مثّلت دورًا كبيرًا، في السنوات الأخيرة، في دفع الكثير من الأشخاص إلى ارتكاب أخطاء مالية أثّرت سلبًا على مستقبلهم، وهذا الأمر مستمرّ حتى الساعة؛ حيث توحي هذه الصفحات بأنه يمكن لأي فرد تحقيق مكاسب سريعة بطريقة سهلة، وذلك من خلال الاستثمار في بعض الأصول، مشيرًا إلى أن هؤلاء يتم تكليفهم بالتسويق "المدفوع" لبعض الأدوات الاستثمارية، لخلق انطباع خاطئ عن المسار الذي يجب أن يسلكه الفرد لجمع ثروة، وبالتالي فإن الاستماع لنصائح هؤلاء يعدُّ من أهم الأسباب التي تدفع الناس إلى ارتكاب أخطاء مالية في العصر الحالي.
وشدّد "حاطوم" على أن "أسلوب الحياة المتضخم"، أو ما يعرف بالمغالاة في نمط الحياة، هو ظاهرة تنتشر كثيرًا حاليًّا، وتدفع الفرد إلى الاعتقاد بأنه قادر على الحصول على كل شيء، فيلجأ إلى الاستفادة من خدمة الدفع على أقساط ولسنوات، ويقوم بشراء شقة سكنية وسيارة جديدة وهاتف ذكي من الطراز الأخير، وغيرها من السلع، ويعمد إلى التباهي بأنه مليء ماليًّا عبر اعتماد أسلوب حياة الرفاهية، ليجد نفسه في نهاية المطاف أسيرَ التزامات مالية منهكة وطويلة المدى قادرة على تدمير مستقبله.
من جهته يقول عضو اللجنة التنفيذية في المنتدى الاقتصادي العالمي، الدكتور ألفرد رياشي: إن الأمان المالي لا يمكن تحقيقه بين ليلة وضُحاها، بل عبر فترات طويلة تتطلب دراسة وتوعية وصبرًا؛ إذ على الفرد الاستثمار في نفسه أولًا، وإنشاء صندوق ادخاري خاص به، تتم تغذيته بـ20 في المئة من المدخول الشهري، وبالتالي فإن الادخار في هذا الصندوق يؤدّي دورًا مهمًّا في تحقيق الصحة المالية، لافتًا إلى أن تجاهل هذه الخطوة يمكن أن يدمر المستقبل المالي لأي فرد.
ولفت رياشي إلى أن أي شخص يريد أن ينعم بالراحة المالية عليه التخطيط جيدًا للوصول إلى هذه المرحلة، والتخلص من بعض الأفكار الخاطئة، وخصوصًا فكرة أننا "لا نعيش سوى مرة واحدة لذا سننفق جميع أموالنا"، مشيرًا إلى ألا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل؛ حيث إن استنزاف دخلنا المالي بأكمله، والاستمتاع به دون مبالاة، بناءً على فكرة أننا قد نموت غدًا؛ بات أسلوبًا يتبعه الكثيرون في العصر الحالي، ويؤدي إلى معاناتهم ماليًّا طوال حياتهم.