لطالما ارتبط الاستهلاك المفرط للملح، بطيف واسع من الأمراض التي تصيب البشر، وباتت الأبحاث العلمية التي تؤكد هذا الترابط قاطعة؛ حيث حذّرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير حديث هو الأول من نوعه، من أن الصوديوم يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، والوفاة المبكرة عند تناوله بإفراط.
وبحسب المنظمة؛ فإن العالم خارج المسار الصحيح لتحقيق هدفه، بتقليل تناول الصوديوم بنسبة 30% بحلول عام 2025؛ إذ إن تنفيذ سياسات فعالة للحد من الصوديوم، الذي يشكل ملحُ الطعام مصدرًا رئيسيًّا له؛ يمكن أن ينقذ نحو 7 ملايين شخص بحلول عام 2030، داعية إلى اعتماد سياسات جديدة، منها "إعادة صياغة الأطعمة" لتحتوي على ملح أقل.
وتقول طبيبة القلب الدكتورة كلود سمعان في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": إن الملح هو العدو الأول للجسم، وإن تناوله بكثرة له انعكاسات سلبية على صحة الإنسان؛ خاصة الأشخاص الذين يعانون من أمراض في القلب والضغط والرئتين.. ومن هنا فإنه يمكن فهم ما توصل إليه تقرير منظمة الصحة العالمية، من أن الحد من تناول الملح يساهم في حماية أرواح ملايين البشر؛ لافتة إلى أن التوقعات تشير إلى أن نسبة 65% من الأشخاص الذين سيتعدى عمرهم الـ45 عامًا في 2025، سيعانون من مشاكل في الضغط.
ورأت "سمعان" أن انتشار مرض الضغط بكثرة؛ يأتي نتيجة تغير طريقة عيش البشر، التي أصبح فيها الكثير من الخمول والطعام الدسم المليء بالملح؛ حيث إن تخفيف نسبة الملح يقلل من نسبة مرضى الضغط؛ مشيرة إلى أنه عندما يتم تحذير الناس، وتوعيتهم من أن الملح هو عدوهم الأول وحتى الأصحاء منهم؛ فبالتأكيد سيتجاوب قسم كبير من هؤلاء مع جهود الحد من تناول الملح.
وتشرح "سمعان" أن الإنسان قد يشعر بالانزعاج خلال أول 15 يومًا من توقفه عن تناول الملح؛ إلا أن هذا الشعور سيزول بعد هذه الفترة؛ لافتة إلى أن الملح يقتل العديد من الخلايا الموجودة في اللسان، المختصة بتذوق نكهات مختلفة؛ وبالتالي فإن التوقف عن تناوله لـ15 يومًا، يساهم في استعادة هذه الخلايا لدورها ويصبح الإنسان أكثر ذواقًا.
ودعت "سمعان" إلى تناول الملح بكميات قليلة أو حتى التوقف عنه؛ حيث إن جميع الأطعمة تحتوي بتركيبتها على نِسَب معينة من الملح؛ لافتة إلى أنه يمكن استبدال النكهة التي ينتجها الملح، من خلال إضافة الحمضيات، الزعتر، النعناع اليابس وغيرها من البهارات الصحية.
من جهته، يقول أخصائي صناعة وتسويق المواد الغذائية وليد جبارة، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": إن نهج "إعادة صياغة الأطعمة" لتحتوي على ملح أقل؛ هو أمر من الصعب جدًّا تنفيذه، فالملح وهو يتألف من الصوديوم والكلوريد، يعتبر مادة حافظة أساسية في الصناعة الغذائية، وهو أفضل من الناحية الصحية مقارنة مع المواد الحافظة الكيميائية؛ مشيرًا إلى أن الملح يساعد المصانع المنتجة للأغذية المعلبة بعبوات من المعدن والزجاج، بحفظ هذه الأطعمة لمدة طويلة؛ وبالتالي فإن تقليل استخدام الملح سيخفف من طول صلاحية المنتج.
ويشرح أن التقليل من استخدامات الملح في الصناعة الغذائية؛ هو أمر ستترتب عليه تكاليف عالية من ناحية المصاريف، وضرورة أن تتم عملية تصريف البضائع بسرعة قبل أن تتلف؛ مشيرًا إلى أن الحل قد يكون باستمرار العمل في النهج السابق لإنتاج الغذاء، مع طرح منتجات جديدة مخصصة للأشخاص الذين يبحثون عن طعام قليل الملح؛ مما يضع المستهلك أمام خيارات عديدة.
ويؤكد "جبارة" أن أكثر من 70% من استهلاك البشر للصوديوم، يأتي من الأطعمة المعلبة والخبز والجبن؛ في حين تأتي نسبة الـ30% الأخرى من الصوديوم، من الأطعمة التي نستهلكها خلال الطهي في المنزل.