رغم أن معظم الأمراض تصيب البشر بغض النظر عن الجنس؛ فإن مجموعة متزايدة من الأبحاث الطبية تثبت أن الأعراض تتفاوت بين النساء والرجال لنفس المشكلة الصحية؛ لافتة إلى أن بعضها يكون أشد خطرًا لدى الرجال، حسب صحيفة "التلغراف" البريطانية.
وحسب موقع "الحرة"، يقول أخصائي صحة الرجال، جيف فوستر: "الرجال أكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي بعد العمل البدني الشاق؛ بينما النساء أكثر عرضة للإصابة به استجابة لنوبات العمل الليلية، أو قلة النوم، أو وجود أنماط نوم غير منتظمة لديهن".
وتابع: "يمكن أن تشمل محفزات الصداعِ الجفافَ والكافيين؛ حيث إن العاملين في المناوبات الليلية يشربون الكثير من القهوة وقد يتناسون شرب الماء، لكن لا أحد يستطع أن يجزم بهذا السبب على وجه اليقين".
من جانبه، رأى نائب رئيس قسم الطب في جامعة سنترال لانكشاير، كولين ميتشي، أن الهرمونات قد تلعب أيضًا دورًا.
وتابع: "انخفاض في هرمون الأستروجين يمكن أن يسبب الصداع أو الشقيقة، وهذا هو السبب في أن المزيد من النساء قد يتعرضن له خلال دوراتهن الشهرية، وعند بداية انقطاع الطمث أو بعد استئصال الرحم".
كشف العلماء عن عدد من الأسباب المحتملة للأنفلونزا بشكل عام (وكوفيد 19)، التي تؤثر على الرجال والنساء بشكل مختلف؛ على الرغم من أنها لا تزال قيد البحث.
وتحتوي رئتا الرجل على نوع محدد من المستقبلات، يؤثر على كيفية انتشار العدوى، كما قال "ميتشي": "تحدث عدوى كوفيد الشديدة عن طريق الارتباط ببروتين في أجسامنا يسمى مستقبل الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (ACE2)".
وزاد: "يمتلك الذكور عددًا أكبر من هذه المستقبلات في رئتيهم؛ مما يمنح الفيروس فرصة أكبر للسيطرة بشكل حاد".
وثانيًا، تحتوي الكروموسومات X (التي تمتلك النساء منها 2 والرجال واحدًا) على عدد كبير من الجينات المرتبطة بالوظيفة المناعية.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور ستاثيس جيوتيس، المحاضر في علم الفيروسات الجزيئية بجامعة إسيكس: "من المرجح أن يكون لدى النساء تعبير أكثر قوة عن هذه الجينات وإنتاج المزيد من العوامل المناعية، مثل (الإنترفيرون)، وهي بروتينات طبيعية مضادة للفيروسات".
وثالثًا، هناك الهرمونات؛ إذ يلفت جيوتيس إلى أن "النساء لديهن هرمون الأستروجين الذي له تأثير وقائي مناعي، في حين أن هرمونات الأندروجينات ربما تثبط جهاز المناعة، ولهذا السبب قد تتخلص النساء من الفيروس بسهولة أكبر من الرجال".
ولفتت الصحيفة إلى أن التأثير المثبط لهرمون التستوستيرون على الجهاز المناعي، قد يجعل الرجال أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفيروسية مثل الأنفلونزا، مع أعراض أكثر خطورة.
وذلك يعني أن "أنفلونزا الرجال" من المرجح أن تكون أمرًا خطيرًا؛ في حين أن هرمون الأستروجين قد يكون له تأثير وقائي؛ مما يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بالأنفلونزا ذات الأعراض الأكثر اعتدالًا.
أوضحت استشارية الأمراض الجلدية، أنجالي ماهتو، أن "النساء يعانين من أنماط هرمونية أكثر تعقيدًا بكثير بسبب الدورة الشهرية، والحمل، وحبوب منع الحمل، وحتى انقطاع الطمث".
كما يمكن أن يحفز التوتر أيضًا إفراز المواد التي تنشط الغدد الدهنية في جلد الأشخاص المصابين بحب الشباب، لإنتاج المزيد من "الزهم" الذي يؤدي إلى ظهور البثور.
و"الزهم" هو مادة ذات طبيعة زيتية يميل لونها للون الأصفر، يتم إفرازها بشكل طبيعي في الجسم من قِبَل الغدد الدهنية التي تتوزع في مختلف أنحاء الجسم، وتتواجد بشكل خاص قرب سطح الجلد؛ وفقًا لموقع "ويب طب".
وخلال سنوات المراهقة، يصاب الذكور بحب الشباب؛ لكن اعتبارًا من سن 23 عامًا فصاعدًا، يصبح حب الشباب عند البالغين أكثر شيوعًا عند النساء؛ حيث يؤثر على حوالى 40% من الجنس اللطيف و8% فقط من الرجال؛ وفق ماهتو.
وفي حين أن سرطان الجلد يصيب نفس العدد من الجنسين؛ فإنه ينمو بشكل أسرع عند الرجال؛ حيث تضاعفت حالات الإصابة لدى الذكور 3 مرات منذ أوائل التسعينيات.
وتقول "ماهتو": "الرجال ليسوا ماهرين في استخدام الكريمات الواقية من الشمس".
والموقع الأكثر شيوعًا لتطور سرطانات الجلد عند الرجال هو الظهر؛ بينما عند النساء هو الجزء السفلي من الساقين.
وتوضح الطبيبة: "النساء جيدات في وضع واقي الشمس على وجوههن؛ لكن معظمهن ينسين فعل ذلك على أرجلهن، بينما يقل طلب الرجال للمساعدة بوضع الكريم على ظهورهم".
عادة ما يعاني الرجال أكثر من ارتفاع ضغط الدم مقارنة بالنساء؛ حسب "فوستر" الذي أكد أن "أحد الأسباب هو التأثير الوقائي لهرمون الأستروجين".
وتابع: "لهذا السبب فبعد انقطاع الطمث، عندما تنخفض مستويات هرمون الأستروجين، تلحق مستويات ارتفاع ضغط الدم لدى النساء بمستويات الرجال".
كما يعاني الرجال أيضًا من النوبات القلبية بمعدل الضعف مقارنة بالنساء. وهنا يوضح "فوستر" أن "عوامل نمط الحياة الرئيسية تُعَرض الذكور للخطر؛ بما في ذلك التدخين والسمنة، وتلك الأمور منتشرة عند الرجال بشكل أكبر".
وزاد: "على الرغم من أن نسبة الكولسترول لدى الجنس الخشن أعلى من تلك الموجودة لدى النساء، فإنهم أقل عرضة لفحص أنفسهم حتى بعد حدوث خطب ما".
ورأى "ميتشي" أن قلوب الرجال والنساء لها أحجام مختلفة أيضًا؛ مما قد يلعب أيضًا دورًا في كيفية تعرضهم لمشاكل القلب.
وأضاف: "يبلغ متوسط وزن قلب الذكر 331 غرامًا وقلب الأنثى حوالى 245 غرامًا، وعادةً ما يكون لهما شكل مختلف".
يشار إلى أن معظم الأبحاث الطبية يتم إجراؤها على قلوب الرجال؛ مما يؤكد مرة أخرى على الحاجة إلى دراسات طبية خاصة بالجنس من أجل "فهم قلب الأنثى بشكل أفضل"، حسب "ميتشي".