بدءاً من تركيا شرقاً إلى الجزائر غرباً تواصل فرق الإطفاء المنهكة في مكافحة حرائق الغابات المندلعة في العديد من دول العالم، وعلى وجه الخصوص في دول حوض المتوسط، وسط موجة حر شديدة هي الأعلى في أوروبا وجنوب المتوسط.
ونشرت لجنة المناخ بالأمم المتحدة تقريراً يوم الاثنين قال إن غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي مرتفعة بما يكفي لضمان اضطراب المناخ لعشرات إن لم يكن لمئات من السنين.
وتشهد دول حوض البحر المتوسط، من تركيا إلى تونس، مروراً باليونان وصقلية الإيطالية، أعلى درجات حرارة منذ عشرات السنين وحذرت لجنة المناخ بالأمم المتحدة هذا الأسبوع من أن العالم بات قريباً بشكل خطير من سخونة مفرطة.
وسجلت العاصمة التونسية درجات حرارة قياسية خلال اليومين الماضيين، بلغت حوالي 49 درجة مئوية، وفقاً لمعهد الأرصاد، أما اليونان، فتعاني من أسوأ موجة حر منذ 30 عاماً.
وفي إيطاليا، وتحديداً في جزيرة صقلية سجلت أعلى درجة حرارة في تاريخ أوروبا، وبلغت 48.8 درجة مئوية، وهو أعلى من الرقم القياسي السابق البالغ 48 درجة مئوية وسجل في أثينا اليونانية عام 1977 وفق سكاي نيوز عربية.
وفي اليونان، ولليوم العاشر على التوالي، اليوم الخميس، تستمر فرق الإطفاء المنهكة بمحاولة وقف الحرائق المستعرة في شتى أنحاء البلاد.
وأخلت حوالي 20 قرية في بيلوبونيز، لكن أولمبيا القديمة، موقع الألعاب الأولمبية الأولى، نجت من النيران.
ويكافح نحو 580 من رجال الإطفاء اليونانيين الحرائق المندلعة في جورتينيا قرب أولمبيا بمساعدة زملاء من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وجمهورية التشيك، وفقا لوكالة "رويترز".
ولا تزال ألسنة اللهب تندلع في إيفيا، ثاني أكبر جزر اليونان والواقعة قبالة شرقي أثينا، حيث شهدت بعضا من أسوأ حالات الدمار الناجم عن الحرائق في الأسبوع الماضي.
ووصف رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس الوضع بأنه "صيف مرعب" واعتذر عن الإخفاق في التعامل مع بعض الحرائق التي وصلت إلى أكثر من 500 حريق في جميع أنحاء اليونان.
في جنوب المتوسط، تحديداً في الجزائر، نشرت الحكومة الجزائرية قوات الجيش للمساعدة في مكافحة الحرائق المستعرة على أشدها في مناطق الغابات بشمال البلاد والتي تسببت في مقتل ما لا يقل عن 69 شخصاً بينهم 28 جندياً.
وكانت المنطقة الأكثر تضرراً هي تيزي وزو أكبر مراكز منطقة القبائل، حيث احترقت بيوت وفر السكان طلبا للملاذ في فنادق وبيوت الشباب وأماكن إقامة طلبة الجامعات في المدن القريبة.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية، عن النائب العام لدى مجلس قضاء تيزي وزو، عبدالقادر عمروش، أمس الأربعاء، إن عدد ضحايا الحرائق، التي اندلعت يوم الإثنين بولاية تيزي وزو، بلغ إلى غاية أمس الأربعاء 69 قتيلا، منهم أكثر من 20 عسكريا، ومئات الجرحى والمصابين.
ونقلت الوكالة، عن المدير العام للغابات، علي محمودي، تأكيده أنه من إجمالي 103 حرائق نشبت في 17 ولاية، منذ الاثنين المنصرم، هناك 86 حريقا لم يتم بعد اخمادها بعد، من بينها 30 حريقاً كبيراً في ولاية تيزي وزو.
وأعلن الرئيس عبدالمجيد تبون الحداد العام 3 أيام على القتلى وجمد أنشطة الدولة التي لا صلة لها بالحرائق.
ودمرت الحرائق في جنوب إيطاليا آلاف الأفدنة من الأراضي حيث وصلت درجات الحرارة إلى مستويات أعلى بكثير من 40 درجة مئوية.
وأفادت الأرصاد الجوية الإيطالية بتسجيل درجة حرارة قياسية في تاريخ صقلية وأوروبا، وبلغت 48.8 درجة مئوية.
وأسهمت الرياح الحارة في امتداد ألسنة اللهب واستمرار الحرائق.
وقال رجال الإطفاء على "تويتر" إنهم نفذوا أكثر من 3000 عملية في صقلية وكالابريا خلال الساعات الإثنى عشر الماضية ونشروا 7 طائرات لمحاولة إخماد النيران.
وشهدت تركيا أيضاً ما يقرب من 300 حريق غابات خلال الأسبوعين الماضيين مما تسبب في دمار عشرات الآلاف من أفدنة الغابات ولكن لم يتم الإبلاغ سوى عن 3 فقط من حرائق الغابات حتى وقت متأخر من أمس الأربعاء، بحسب رويترز.
لكن الساحل الشمالي لتركيا يواجه تحديا مختلفا يتمثل في فيضانات ناجمة عن هطول أمطار غزيرة غير معتادة دمرت جسرا وأدت إلى قطع الكهرباء عن عدد من القرى.
ولا تقتصر حرائق الغابات على منطقة البحر المتوسط فقد عانت مناطق أخرى من انتشار الحرائق، مثل سيبيريا في شرق روسيا وكاليفورنيا في غرب الولايات المتحدة.
وشهدت ولاية كاليفورنيا، ثاني أكبر حريق هائل في تاريخها حتى وقت متأخر من الأحد الماضي.
واجتاح الحريق، الذي أطلق عليه حريق "ديكسي"، ما يقرب من نصف مليون فدان.
وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن حريق الغابات "ديكسي" دمر ما لا يقل عن 1000 مبنى، منها 550 بناية سكنية.
أما في سيبيريا، فما زالت النيران تشتعل في الغابات، وقالت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" إن أعمدة الدخان وصلت إلى مناطق القطب الشمالي القريبة.
ووفقاً لوكالة نوفوستي، فإنه بحلول منتصف ليل 8 أغسطس، كان هناك 174 حريق غابات مشتعلا في روسيا على مساحة تتجاوز 1.5 مليون هكتار، واستمرت عمليات إطفائها بنشاط.
وأعلنت هيئة حماية الغابات أنه تم تسجيل أكبر مساحة لحرائق الغابات في جمهورية ياقوتيا، التي يشتعل فيها حاليا 90 حريقا على مساحة تبلغ نحو 1.4 مليون هكتار.