أظهرت وثيقة أفصحت عنها مؤسسة التراث الخيرية التي أسّسها ويرأس مجلس إدارتها الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، علاقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز -يرحمه الله- بدعم مشاريع العناية بالمساجد التاريخية.
وأظهر الخطاب الذي صدر في عام 1418هــ موافقة سموه على الخطة المفصلة التي رفعها الأمير سلطان بن سلمان للعناية بالمساجد التاريخية وإنقاذها من الاندثار، فإحياء المساجد التاريخية هو تفعيل لوظيفتها للعبادة، وفي إصلاح أحوال المسلمين، وربطهم بمواقع كانت تمثل إشعاعاً دينياً وحضارياً وثقافياً ليس للمجتمع المحلي المحيط بالمسجد فقط بل وللبشرية جمعاء.
وخلال الـ20 عاماً الماضية عمل الأمير سلطان بن سلمان مع نخبة من المتخصصين ومؤسسات الدولة ذات العلاقة، وفي مقدمتها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ومؤسسة التراث الخيرية على حصر المساجد التاريخية، حيث بلغت أكثر من 2000 مسجد، وانطلقت أعمال الترميم من مسجد طبب في عسير؛ لتشمل أكثر من 70 مسجداً في مختلف مناطق المملكة.
ويمسك بملف عمارة المساجد التاريخية ثلاث مؤسسات هي الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ومؤسسة التراث الخيرية، بالتعاون مع جميع المؤسسات الأخرى والمواطنين الذي يتسابقون للتبرع لترميم وتأهيل المساجد التاريخية.
بدأت رحلة العناية بالمساجد التاريخية في عام 1418هـ حينما تبنّت مؤسسة التراث الخيرية برنامجاً وطنياً للعناية بالمساجد العتيقة، ووقعت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في عام 1432هـ مذكرة تعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وفي عام 1437هـ تم تأسيس برنامجاً للعناية بالمساجد التاريخية في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وفي العام نفسه تم توقيع اتفاقية بين الهيئة لعامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة الشؤون الإسلامية لتأسيس برنامج العناية بالمسجد التاريخية في الوزارة.
ولبرنامج إعمار المساجد التاريخية للعناية بالمساجد التاريخية 6 أهداف رئيسية هي إظهار قيمها الدينية والحضارية والعمرانية، وبناء منظومة مؤسسية توحد جهود الشركاء في تنفيذ مشاريع العناية بالمساجد التاريخية، وبناء بيت خبرة وطني في مجال ترميم وتأهيل وصيانة المساجد التاريخية، وتبني تنفيذ مشاريع نموذجية للاسترشاد بها في بقية ترميم وتأهيل المساجد التاريخية، والتركيز على العناية بالمسجد كعنصر أساسي في تنمية أواسط المدن التاريخية والقرى والبلدات التراثية، واستعادة أصالة المساجد التاريخية التي هُدمت، وأعيد بناؤها دون احترام هويتها العمرانية.
وكان الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز أعلن أمس أنه سيجري افتتاح مسجد الحنفي التاريخي العام المقبل، والذي يجري ترميمه على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله.
وأوضح أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أعطى جلّ اهتمامه بالمساجد عموماً وبالمساجد التاريخية على وجه الخصوص في الدرعية وجدة التاريخية، وغيرها من المواقع على امتداد وطننا؛ لأن المساجد هي ملتقى الناس كل يوم خمس مرات، وهي جامعة للشمل، مؤكداً أن خادم الحرمين الشريفين أعطى الأولوية للمساجد التاريخية في أعمال العناية بالتراث الحضاري.
وعبّر الأمير سلطان بن سلمان عن شكره وتقديره لوقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز والقائمين عليه، على ما حظي به مسجد المعمار من عناية واهتمام ورعاية ودعم طوال مراحل ترميمه، والتي امتدت لأكثر من عامين، مؤكداً أن مسجد المعمار هو المسجد التاريخي الثالث الذي جرى ترميمه على نفقة الملك عبدالله، إذ قدم -يرحمه الله- منحة لترميم مسجد طبب التاريخي، وهو أول مسجد تاريخي بني في عصر الدولة السعودية في منطقة عسير، كما تكفل بترميم مسجد الشافعي التاريخي في جدة التاريخية.
وأوضح لدى افتتاحه أمس مسجد المعمار في قلب جدة التاريخية الذي جرى تأهيله وترميمه على نفقة وقف مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الخيرية بمبلغ 15 مليون ريال أنه تم حصر أكثر من 3000 مسجد تاريخي، وأن أعمال الترميم جارية في نحو 200 مسجد في جميع مناطق المملكة منها نحو 10 مساجد في جدة التاريخية، مؤكداً أنه شارك في أعمال ترميم المسجد عدد من الطلبة الدراسين في كليات العمارة الإسلامية والهندسة، وأن الهيئة ومؤسسة التراث الخيرية حريصة كل الحرص على خلق جيل جديد من المواطنين القادرين على ترميم المواقع التاريخية والأثرية.