أكّد المشاركون في الاجتماع الافتراضي الذي نظّمته الأمم المتحدة، اليوم، بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وضرورة العودة إلى مفاوضات جادة تُنهي الاحتلال وتُفضي إلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتصلة جغرافياً.
وشدد رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف شيخ نيانغ، في كلمته الافتراضية خلال الاجتماع، على أنه لا يمكن الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأرض الفلسطينية الذي يستمر منذ 53 عاماً يتفاقم اليوم بتهديدات الضم وفرض أمر واقع، في حين لا يزال الشعب الفلسطيني محروماً من حقوقه غير القابلة للتصرف لا سيّما حقه في تقرير المصير.
وأشار شيخ نيانغ؛ إلى استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، بلا هوادة، ومن دون مساءلة، في انتهاك للقانون الدولي والقرارات ذات الصلة، خاصة قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016، مؤكداً أنه لا بد من وقف كامل لبناء المستوطنات والتخطيط لها، بما في ذلك الخطط التي أعلن عنها أخيراً، خاصة غيفعات هاماتوس؛ التي إذا تم البناء فيها ستفصل بشكل كامل بين القدس الشرقية وبيت لحم.
من جانبه، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فولكان بوزكير، في كلمته خلال الاجتماع": الخطوط العريضة للحل متوافرة عام 1947، حيث اعتمدت الجمعية العامة القرار 181، الذي شكّل الأساس القانوني لإنشاء دولة إسرائيل ودولة ثانية للفلسطينيين، ولكن، في العقود السبعة التي تلت ذلك، فشلنا في إنشاء دولة للشعب الفلسطيني، يمثل حل الدولتين، الذي اعترف به القرار المذكور، الأساس الوحيد للحل ولسلام عادل وشامل ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين لضمان السلام والأمن والازدهار للجميع".
ودعا بوزكير؛ الأمم المتحدة لمواصلة دعم الإسرائيليين والفلسطينيين لحل النزاع استناداً للقانون الدولي والاتفاقات الثنائية، وتحقيق رؤية حل دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن ضمن حدود معترف بها على أساس حدود ما قبل عام 1967.
وفي ذات السياق أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش؛ في كلمته خلال الاجتماع، عن القلق العميق إزاء ما وصفها بالحقائق المروّعة في الأرض الفلسطينية المحتلة وتضاؤل احتمالات حل الصراع، الذي ظل مع الأمم المتحدة منذ إنشائها، مشيراً إلى أن تعليق إسرائيل خطط ضمّ أجزاءٍ من الضفة الغربية أدى في الوقت الحالي إلى إزالة تهديد خطير للسلام والاستقرار الإقليميين، مبيناً أنه على الأرض، يستمر التوسع في التخطيط الاستيطاني والبناء، في حين بلغت عمليات الهدم والمصادرة للمباني التي يملكها فلسطينيون من قِبل السلطات الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، أعلى معدل موثّق منذ أربع سنوات.
وحث غوتيريش؛ القادة الإسرائيليين والفلسطينيين على الانخراط في مفاوضات هادفة، مؤكداً أنه فقط حلّ الدولتين يحقق التطلعات الوطنية المشروعة للفلسطينيين والإسرائيليين، ويمكن أن يؤدي إلى سلام دائم.
عقب ذلك ألقى مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور؛ كلمة خلال الاجتماع نيابة عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ جدّد فيها دعوته إلى الأمين العام للأمم المتحدة للبدء وبالتعاون مع الرباعية الدولية ومجلس الأمن في ترتيبات لعقد مؤتمر دولي بداية من مطلع العام المقبل بهدف الانخراط في عملية سلام حقيقية تقوم على أساس القانون الدولي والشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، وبما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية.
وأضاف منصور: أجدّد التذكير أننا ما زلنا نمد أيدينا للسلام العادل المبني على قرارات الشرعية الدولية، وحلّ الدولتين على حدود 1967، ونؤكّد مجدّداً أننا على استعداد للذهاب إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، ونحن لم نرفض الذهاب إلى المفاوضات يوماً.
كما ألقى الممثل الدائم لماليزيا في الأمم المتحدة سعيد محمد؛ كلمة بالنيابة عن رئيس اللجنة، لفت فيها النظر إلى أن اللجنة قدمت عدة توصيات للمجتمع الدولي ولإسرائيل بما يضمن رفاهية وحقوق الفلسطينيين، معرباً عن قلق اللجنة إزاء عدد من مسائل حقوق الإنسان التي لها علاقة باستمرار توسيع المستوطنات غير المشروعة وارتفاع حدّة العنف والأزمة الإنسانية الكبيرة في غزة واستمرار عمليات الاعتقال والوضع الهش للاجئي فلسطين ووضع حقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل وعدم المساءلة على هذه الانتهاكات.
وأفاد بأنه على الرغم من جائحة كورونا، إلا أن الانتهاكات تستمر وفي بعض الحالات ارتفعت حدّتها مقارنة بما كانت عليه قبل الجائحة، حاثاً الإسرائيليين على اتخاذ التدابير الضرورية بما يضمن حماية الفلسطينيين من الجائحة ووصولهم إلى الخدمات الصحية المناسبة.
عقب ذلك، ألقى سفير جامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة ماجد عبدالعزيز، كلمة نيابة عن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط؛ أكد فيها أن على المجتمع الدولي إلزام إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بالانصياع للقوانين والقرارات الدولية وإنهاء احتلالها وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967.
ومضى يقول: أثبتت التجارب، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن أي محاولات للانقضاض على حقوق الشعب الفلسطيني وتجاهل مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية مآلها الفشل، وأن أي توجه نحو فرض أمر واقع أو طرح مبادرات وخطط لا تتماشى مع هذه المبادئ والأسس والمرجعيات الدولية لعملية السلام القائمة على مبدأ الأرض مقابل السلام ووفق رؤية حل الدولتين ستنتهي وتصبح من الماضي، وسيبقى الحق الفلسطيني ثابتاً لا يسقط بالتقادم أو بأي وسيلة أخرى.
من جانبه، دعا المراقب الدائم لمنظمة التعاون الإسلامي لدى الأمم المتحدة أغشين مهدييف؛ المجتمع الدولي إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع حدّ لسياسات الاستيطان الإسرائيلية وضمان احترام إسرائيل للقرارات ذات الصلة.
وأبان مهدييف؛ أنه لا يمكن الحديث عن القضية دون الإشارة إلى الوضع الحرج في مدينة القدس المحتلة، وخاصة سياسة إسرائيل في التهويد لتغيير الصبغتين الإسلامية والمسيحية في المدينة، ووضعهما وتكوينهما الديمغرافي، مؤكداً أن مدينة القدس هي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وجميع الإجراءات غير القانونية التي تهدف إلى تغيير وضعها التاريخي والقانوني والسياسي هي ملغاة بحسب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وفي ختام الاجتماع الافتراضي افتتح مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور؛ معرض صور افتراضي بعنوان "الكتابة على الجدار: الضم بين الماضي والحاضر".
الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني كل يوم (29 نوفمبر) من كل عام وتعده مناسبة لتجديد التأكيد على الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، ودعم إنهاء الصراع في الشرق الأوسط الذي طال أمده.