تجسِّد عضوية السعودية في مجموعة العشرين زيادة لدورها المؤثر، والتزامها الدائم بتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، والمحافظة على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.
وأكد خادم الحرمين الشريفين خلال كلمته الافتتاحية لقمة قادة مجموعة العشرين قائلاً: "مسؤوليتنا تقتضي مد يد العون للدول النامية والأقل نموًّا لبناء قدراتهم، وتحسين جاهزية البنية التحتية لديهم لتجاوز هذه الأزمة وتبعاتها. لقد أثبتت مجموعة العشرين من قبل فاعليتها في التخفيف من حدة الأزمة المالية العالمية، وقدرتها على تجاوزها".
وكان لنجاح قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- في توجيه سياسة السعودية الاقتصادية، ودعم الاقتصاد وقطاع الأعمال السعودي، أبلغ الأثر في جعل السعودية دولة فاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي، وقِبلة آمنة للاستثمارات من مختلف دول العالم.
ويلحظ الراصد بوضوح دور السعودية في دعم الدول النامية، والدور القوي للسياسة السعودية في رسم الخطوط العريضة للاقتصاد العالمي واستقراره؛ إذ تعتبر السعودية من الدول المانحة لمساعدة الدول الأقل نموًّا للانخراط في النظام التجاري العالمي، وتحفيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. وقدمت السعودية خلال الفترة 2010-2013م ضمن برنامج المنح متعدد الأطراف للدول الأقل نموًّا مساهمة مالية، بلغت ثلاثة ملايين فرنك سويسري.
كما أسهمت السعودية في المرحلة الثانية للبرنامج بمبلغ أربعة ملايين دولار أمريكي في عام 2017م، كما أن السعودية ملتزمة بتطبيق قواعد منظمة التجارة العالمية. وأكدت ذلك الدول الأعضاء خلال اجتماعات مراجعة السياسات والممارسات التجارية للمملكة التي أجرتها المنظمة في عامَي 2012 و2016م بالتزام السعودية بتطبيق قواعد المنظمة، والجهود والإصلاحات الحكومية والاقتصادية والاجتماعية التي قامت بها، وحرصها على تنويع وتعزيز اقتصادها.
وتأكيدًا لمكانة السعودية وثقلها المؤثر على الاقتصاد العالمي، ولمواقفها المعتدلة وقراراتها الاقتصادية الرشيدة التي تبنتها خلال سنوات التنمية الشاملة، إضافة إلى النمو المتوازن للنظام المصرفي السعودي، تشارك السعودية في اجتماعات قمة مجموعة العشرين الاقتصادية منذ دورتها الأولى في واشنطن بتاريخ 15 نوفمبر 2008م؛ لالتزامها بالاستمرار في أداء دور فاعل وإيجابي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، ودورها في صياغة نظام اقتصادي عالمي، يحقق نموًّا اقتصاديًّا عالميًّا متوازنًا ومستدامًا، وبما يحافظ على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية.
وتماشيًا مع التزام السعودية بحرية التجارة فإنها تواصل القيام بجهودها لدعم مبادرات تحرير التجارة على جميع المستويات، كما تواصل تقديم التمويل لأغراض التجارة من خلال عدد من البرامج والصناديق الوطنية والإقليمية.
وسجّل دخول السعودية كعضو في أكبر مجموعة اقتصادية في العالم اعترافًا بأهمية السعودية الاقتصادية، ليس في الوقت الحاضر فقط، وإنما في المستقبل أيضًا. وتعطي العضوية في هذه المجموعة للمملكة قوة ونفوذًا سياسيًّا واقتصاديًّا ومعنويًّا كبيرًا، يجعلها طرفًا مؤثرًا في صنع السياسات الاقتصادية العالمية التي تؤثر في اقتصاد السعودية واقتصادات دول المنطقة.
وجاءت عضوية السعودية في مجموعة العشرين نتيجة لارتفاع أهميتها كمصدر ومسعّر للطاقة العالمية التي تهم جميع دول العالم، ولارتفاع حجم تجارتها الدولية، وتأثير ذلك على دول العالم. كما جاءت نتيجة لارتفاع مواردها المالية، التي من المتوقع أن تزداد في المستقبل -بمشيئة الله-، وتزيد من أهمية السعودية في الاقتصاد العالمي؛ ولهذا فإن السياسات المالية التي تتخذها السعودية لها تأثير واضح وواسع على المستوى العالمي، من خلال التحويلات إلى الخارج، وسياسة الاستثمار في الأوراق المالية العالمية.
وأسهم توسُّع دائرة تأثيرات الدور الاقتصادي السعودي في المنطقة في تصنيف السعودية من بين أفضل اقتصادات العالم الناشئة جنبًا إلى جنب مع دول صاعدة كبرى، كالصين والهند وتركيا، وسط ما تمثله السعودية من ثقل اقتصادي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط والبلدان العربية.
ومن النتائج الإيجابية لعضوية السعودية في تلك المجموعة توفير قنوات اتصال دورية بكبار صناع السياسات المالية والاقتصادية العالمية؛ وهو ما يعزز التعاون الثنائي مع الدول الرئيسة المهمة في العالم. كما رفعت عضوية السعودية في هذه المجموعة من أهمية توفير مزيد من الشفافية والمعلومات والبيانات المالية والاقتصادية المتعلقة بالسعودية أسوة بدول العالم المتقدم.
وأدت عضوية السعودية في المجموعة إلى تنسيق وإصلاح بعض السياسات في عدد كبير من المجالات المالية والاقتصادية؛ وهو ما يدفع إلى مزيد من التطوير للقطاعات المالية والاقتصادية، ويصب في نهاية المطاف في مصلحة السعودية واقتصادها.
ولدور السعودية وتأثيرها الكبير في مجموعة العشرين والاقتصاد العالمي، ولجهودها المعهودة على المستوى الإقليمي والعالمي في دعم النظام التجاري، رُشّح المستشار في الديوان الملكي محمد بن مزيد التويجري لتولي منصب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية؛ وذلك لمواجهة تحديات التجارة الدولية الراهنة، وإيمانًا بضرورة وجود نظام تجاري مفتوح وشفاف ومفيد لجميع أعضاء المنظمة.