شاهد.. "الفرسانيون" يسهرون الليل في مغازلة "فاتنة البحر".. "يوم الحريد" هذا النصيب!

"الجزيرة" تخرج عن بكرة أبيها فرحاً "فوق هام السحب" إحياءً للموروث
شاهد.. "الفرسانيون" يسهرون الليل في مغازلة "فاتنة البحر".. "يوم الحريد" هذا النصيب!

تصوير: عبدالله النحيط: لا مكان للحسد.. ولا فضاء يسع الفرح.. ولا تفسير للظاهرة البحرية بشاطئ "حصيص" في "جنّة" فرسان، جنوب البحر الأحمر، عندما تخرج الآلاف من أسماك "الحريد" اللذيذ من قاع البحر وبين الشعب المرجانية وتسافر أسرابًا تجاه الناس.. تجاه أهالي فرسان، وكأنها خُلقت خصيصاً لهم، فهم البسطاء المتواضعون المتآلفون، يسوقها لهم الرب سوقاً بأحجام مختلفة وألوان فاتنة.

من عاش ليلة الجمعة الماضية مع أهالي فرسان الذين خرجوا من منازلهم عن بكرة أبيهم وهم يحتفلون مع أمير منطقة جازان ونائبه بمهرجان الحريد السادس عشر يعرف معدنهم الأصيل، وأنه لا مكان للحسد بينهم، فهم فرحوا سوياً بـ"أوبريت الوطن"، ورقصوا "فوق هام السحب"، وسهروا حتى الصباح يغازلون "الفاتنة" بانتظار "الخيط الأبيض من الخيط الأسود"، وصلّوا الفجر جماعات وفرادى، ثم تسلحوا بـ"التوكل على الله" ممسكين بـ"الشباك الزرقاء" البخيلة في استقبال الأهداف "كروياً"، الكريمة في استقبال "حريد البحر"، وهو موروث تقليدي عرفه السكان منذ مئات السنين.

وفي تمام الساعة السابعة من صباح الجمعة انطلق أكثر من 4 آلاف شخص ما بين سعودي وعربي وآسيوي في سباق مهيب نحو منطقة كبيرة داخل البحر تحيط بها "فلاليك" خفر السواحل التابعة لحرس الحدود، وأشجار "الكسب"، وبدأوا يصطادون الحريد أو ما يسمى "ببغاء البحر"، ومن يملأ شباكه يتجه لمنصة خشبية تتلاطم بها الأمواج، يعتليها الأميران محمد بن ناصر، ومحمد بن عبدالعزيز لمشاركتهما الفرح وسط وميض عدسات الأهالي، وكاميرات وكالات الأنباء العالمية والقنوات الفضائية ووسائل الإعلام السعودية، و"زغاريد" النساء، وتصفيق الجمهور.

ما هو سمك الحريد؟

سمكة الحريد هي فصيلة من حوالي 75 نوعاً من الأسماك التي تعيش حول الشعاب المرجانية في البحار الحارة وشبه الحارة، واتخذت اسمها من أسنانها الأمامية غير العادية التي تشبه منقار الببغاء.

وسميت هذه السمكة بهذا الاسم بسبب أسنانها الأمامية المرتبة في مقدمة فمها بحيث تشبه منقار الببغاء، وهي سمكة بحرية تعيش في المياه الدافئة بين الشعاب المرجانية في المحيطات والبحار، ويوجد منها نحو ثمانين نوعًا تتراوح في أحجامها بين 20 سنتيمتراً "الصغير" إلى متر ونصف "العملاق".

ويجتمع الحريد على شاطئ جزر فرسان في مجموعات ضخمة بعضها قد يزيد فيها عدد الأسماك عن 1000 سمكة في المجموعة الواحدة، ويكون كرات ضخمة فيما يشبه الانتحار الجماعي، ويحدث ذلك عادة في يوم واحد من السنة، في نهايات شهر مارس وأول شهر أبريل من كل عام، ويحتفل أهل فرسان منذ القدم بهذا اليوم، وينشدون الأهازيج ويؤدون الرقصات الشعبية.

يوم النصيب

يطلق أهالي فرسان على من يصطاد الحريد في ذلك اليوم بـ"المحظوظ" صاحب النصيب الأكبر، ويختلف الحظ من شخص لآخر بحسب الكمية، فهناك من تجاوز 100 كلغ، وهناك من جمع 3 سمكات تتفاوت أحجامها، ومنهم من "خرج من المولد بلا حمص" بسبب ضعف إرادته أو عدم معرفته وكلاهما، لأن الله لم يكتب له شيئاً، وبينهم عامل النظافة عندما رمى "المقشة" واستبدلها بالشباك وجمع أكثر من 25 كيلوغرامًا، موعزاً ذلك لمهارة الصيد التي يجيدها في بلاده بنغلاديش، وممارسته هذه الهواية على أرخبيل فرسان الذي اعتاد كل مساء تناول العشاء من خيراته.

الأجمل في القصة مشهد الأمهات وأفراد الأسرة وهم يصطفون بجانب الشاطئ ممسكين حافظات من مادة "الفلين" مليئة بمكعبات الثلج في انتظار الصيد الثمين الذي يصارع من أجله أبناؤهم في "معركة الماء"، وعلى الجانب الآخر يقف بسوق السمك وسط المحافظة الرجال والنساء والتجار القادمون بـ"العبّارة" لشراء اللحم الأبيض اللذيذ وتصديره إلى وجهات مختلفة محلية ودولية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org