ما زال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أسير ازدواجيته وتناقضه في تناوله السياسي وخطاباته أمام أنصاره؛ فبعد أسابيع من تهديده دولة الإمارات بتعليق العلاقات الدبلوماسية على خلفية اتفاقية السلام بين أبوظبي وتل أبيب خرج على جمع من أنصاره معلنًا عن أمله بنقل العلاقات مع إسرائيل إلى مستوى أفضل!
وجاءت تصريحات "أردوغان" عقب أدائه صلاة الجمعة في أحد مساجد إسطنبول، التي أكد فيها عدم انقطاع العلاقات بين بلده وإسرائيل على المستوى الاستخباراتي، قائلاً إن قلبه يأمل بتحسينها، والوصول بها إلى مستوى أفضل، بحسب ما نقلته عنه وكالة "الأناضول" التركية.
وتأتي تصريحات أردوغان كمحاولة جديدة من أنقرة لخطب ود تل أبيب بعد أيام قليلة من تصريحات مسعود كاسين، مستشار الرئيس التركي، الذي أشار فيها إلى أن العلاقة بين الدولتين على وشك الانفراج، وأن العلاقات الدبلوماسية يمكن أن تُستأنف بين البلدين في مارس المقبل.
وأوضح "كاسين" في تصريحاته أنه إذا خطت إسرائيل خطوة؛ فإن تركيا يمكن أن تخطو خطوتين؛ في إشارة واضحة إلى الرغبة التركية الشديدة في عودة العلاقات إلى طبيعتها مع إسرائيل، وفي تناقض صريح لانتقادها اتفاقيات السلام التي أجرتها دول عربية مع تل أبيب مؤخراً.
ويرى بعض المراقبين أن الرسائل التركية الأخيرة تجاه إسرائيل ما هي إلا محاولة لكسب إسرائيل في صفها، والحصول على مساعدتها في تحييد موقف الكونجرس الأمريكي المعادي لتركيا، ومساعدة أنقرة على كسب ود واشنطن في ظل إدارة أمريكية جديدة في يناير المقبل.
ولا شك فإن التصريحات التركية الناعمة المتتالية تكشف عن تناقض تعيشه الدوائر السياسية التركية بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولغة المصالح التي تحكم أقوالهم وأفعالهم، ففي حين يناهض الرئيس التركي والمقربين منه اتفاقيات السلام العربية، تتمتع بلادهم بعلاقات دافئة مع تل أبيب تعود إلى عام 1949م، بعد نحو عام من نكبة 48، كما سبق أن زار "أردوغان" إسرائيل عام 2005م، وحينها قابله رئيس وزراء إسرائيل أرئيل شارون آنذاك، قائلاً: "أهلاً بك في القدس عاصمة لإسرائيل".. دون أن ينكر "أردوغان"، الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء حينها، عليه ذلك، أو يحاول تصحيح الأمر!