هل أصبحت "الإدارة القانونية بالجهات الحكومية" مكتب محاماة خاصاً بسعادة المسؤول؟

"المخلفي" لـ"سبق": من الضروري إعادة النظر في أعمالها وتفعيل دورها القانوني والرقابي
هل أصبحت "الإدارة القانونية بالجهات الحكومية" مكتب محاماة خاصاً بسعادة المسؤول؟

تعتبر الإدارة القانونية من الإدارات المهمة في الأجهزة الحكومية لتقديم المساندة والاستشارات القانونية التي تحتاج إليها في كثير من القضايا، وهي تضم غالباً مجموعة من القانونيين المتخصصين في مجالهم والمؤهلين لأداء مهامهم.

وعلى الرغم من ذلك بحسب مختصين؛ بات من الملاحظ أن هناك غياباً شبه تام لدورها الحقيقي والرقابي المستقل على أعمال تلك الأجهزة الحكومية التي تتبع لها.

وفي هذا الصدد يفصّل عضو النيابة العامة سابقاً، الأستاذ المساعد في قسم القانون في كلية إدارة الأعمال بجامعة الحدود الشمالية الدكتور ذياب بن رباح المخلفي، لـ"سبق"، دور الإدارات القانونية في الجهات واختصاصها وواجباتها والحلول العاجلة -وفق الأنظمة- التي يضمن استقلاليتها؛ بحيث تؤدي دورها الرقابي بكل ثقة وشجاعة في مواجهة التبعية الإدارية للجهاز الحكومي الذي يعملون فيه، ولإبداء الرأي القانوني الصحيح حيال الإجراءات والقرارات المعروضة أمامهم بكل أريحية ودون خوف من أي تبعات.

دور الإدارة القانونية واستقلاليتها الغائبة:

وقال المخلفي: إنه في غياب أي نظام أو قانون يبين مهام أو اختصاصات الإدارات القانونية؛ فإن من المتعارف عليه أن دور الإدارة القانونية يكمن في تقديم الاستشارات القانونية للجهة الحكومية التي تتبع لها، والمشاركة في وضع اللوائح الداخلية المنظمة لأعمالها، والترافع عنها وتمثيلها أمام الجهات القضائية، ويكون مرجع الإدارة الكامل لتلك الجهة دون أي استقلالية في إبداء الرأي القانوني الذي قد يخالف في بعض الحالات رأي المسؤولين فيها.

وتابع: "في حين أن طبيعة الإدارة القانونية واختصاصها وطبيعة تأهيل العاملين فيها؛ تحتم منحها استقلالية عن التأثير عليها في إبداء الرأي القانوني حيال القرارات التي تتخذها الجهات الحكومية؛ فمن غير المنطقي أن نجعل تبعية ومرجع العاملين في الإدارة القانونية في يد المسؤولين في الجهة الحكومية نفسها؛ سواء من خلال سلطتهم في كتابة تقاريرهم الوظيفية وترقياتهم ونقلهم وإجازاتهم، ثم نطالبهم بتقديم الرأي القانوني الصحيح في القضايا والمسائل الإدارية.

وأضاف "المخلفي": "من المفترض أن يكون للإدارة القانونية دور رقابي على الجهة التي تتبع لها؛ فمن غير المقبول أن تصدر تلك الجهات قرارات مخالفة للنظام سواء بقصد أو بغير قصد مع وجود الإدارة القانونية، كما أن منحها الدور الرقابي من خلال اطلاعها وتزويدها بصور من القرارات التي تصدر من جميع أقسام الجهة الحكومية التي تتبع لها ومنحها الاستقلالية الإدارية؛ يعطيها المكانة الملائمة لدورها، ويمنع استغلالها من قِبَل أصحاب النفوذ لتبرير قراراتهم من خلال البحث في الثغرات القانونية واستغلالها، ولاستبعاد فكرة التعامل مع هذه الإدارة كمكاتب محاماة خاصة لإداراتهم؛ فالهدف الأسمى للإدارة القانونية وجميع أجهزة الدولة هو تحقيق المصلحة العليا للوطن وتطبيق الأنظمة وليس المصلحة الضيقة التي يرتئيها مديرو الإدارات.

تعزيز مبدأ الرقابة الذاتية:

وأضاف الدكتور "المخلفي" أن "تفعيل دور الإدارة القانونية ومنحها الدور الرقابي؛ يعزز مبدأ الرقابة الذاتية، ويحقق مبدأ الحوكمة التي تتطلب مراقبة نشاط المؤسسة الحكومية ومتابعة مستوى أدائها، ومن أقدر الإدارات وأكبرها تأهيلاً الإدارة القانونية؛ ولذلك نجد أن بعض الدول أنشأت وزارات خاصة تُعنى بالشؤون القانونية وتوكل إليها الإشراف على الإدارات القانونية في الأجهزة الحكومية.

حلول عاجلة:

وتابع: "لعل من الحلول العاجلة لتفعيل الدور الرقابي للإدارات القانونية، أن يتم إشراك مندوب من إمارة المنطقة استناداً للفقرة الثامنة من المادة السابعة لنظام المناطق الصادر بالمرسوم الملكي رقم 92/أ وتاريخ 27/ 8/ 1412هـ؛ للإشراف على أعمال الإدارة من خلال اجتماع دوري كل شهر، أو حسبما تقتضي الحاجة للاستماع إلى ملاحظات موظفيها ورفع أي مخالفات إلى إمارة المنطقة؛ فهذا سيعطي المستشارين القانونيين الثقة والشجاعة في مواجهة التبعية الإدارية للجهاز الحكومي الذي يعملون فيه لإبداء الرأي القانوني الصحيح حيال الإجراءات والقرارات المعروضة أمامهم بكل أريحية، ودون خوف من أي تبعات.

وختم "المخلفي" بقوله: "لذلك فإنه من الضروري إعادة النظر في أعمال الإدارات القانونية، وتفعيل دورها القانوني والرقابي داخل الأجهزة الحكومية، وسن نظام يبين واجباتها واختصاصاتها وضمان استقلاليتها في أداء أعمالها. ولعل من المناسب الإشارة إلى قرار مجلس الوزراء رقم: (265) وتاريخ: 21/ 6/ 1435هـ بشأن الموافقة على الضوابط المطلوب مراعاتها عند إعداد ودراسة مشروعات الأنظمة واللوائح وما في حكمه، والذي تضمّن في البند سادساً: التأكيد على الجهات الحكومية بالاهتمام بالإدارات القانونية، ودعمها بالكفايات المؤهلة في المجال الشرعي والنظامي؛ على أن توضع خطة لتطوير هذه الإدارات والعاملين فيها بالشكل المناسب.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org