لم يكن عام ١٤١٢هـ ليمرّ دون أن يكون لصاحب الأيادي البيضاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بصمةٌ حسنةُ مؤثرة في عالم الإعاقة، ومن مركزه كأمير منطقة الرياض -حينذاك- تبنى فكرة الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين، والذي رأى بعد ١٠ أعوام من تأسيس "جمعية الأطفال المعوقين" الحاجة الملحّة لسد الفراغ الذي تعاني منه المملكة والعالم في مجال البحث العلمي المتخصص في قضايا الإعاقة ومسبباتها ووسائل تفاديها وعلاجها؛ بتبنيه وإعلانه "مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة" بشعار "علم ينفع الناس"؛ ليسر بسرّ من أسرار قوة بلادنا المباركة واتحاد شعبها.
خرج المركز في مؤتمر عالمي رائد، المؤتمر الدولي للإعاقة والتأهيل، والذي أقيمت نسخته الخامسة قبل أيام في الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بمشاركة دولية من مسؤولين وأكاديميين ومراكز بحثية عالمية؛ جمعهم جميعاً الاهتمام بذوي القدرات الفائقة.. كما سماهم رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة الأمير سلطان بن سلمان، عوضاً عن ذوي الاحتياجات الخاصة، كما كان يطلق عليهم سابقاً، وليعلن خلال المؤتمر أن ٩٠% من التوصيات التي خرجت بها المؤتمرات السابقة البالغة ٣٤ توصية؛ تم تنفيذها بالفعل؛ مما يعني أن أكثر من ٣٠ توصية تم تنفيذها.. والرقم بلا شك يعد كبيراً؛ فأغلب المؤتمرات العربية أو العالمية لم تنجح في تنفيذ إلا بعض من توصياتها فقط.
كنت قد حضرتُ في ٢٠١٤م النسخةَ الرابعة من المؤتمر الدولي للإعاقة والتأهيل، والذي نبعت منه التوصية بإنشاء "هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة"، والتي تَبَنّت إنشاءها الدولة مؤخراً، وتمنيت أن تسمح لي ظروفي بحضور النسخة الخامسة؛ ولكن لتواجدي في مكة المكرمة تابعتُ النتائج عبر الإعلام بسرور بالغ، وسر سروري هو علمي بأننا كذوي قدرات فائقة نعلم أن توصيات المؤتمر قريبة التنفيذ بدعم خادم الحرمين الشريفين، ثم رئيس اللجنة الإشرافية العليا للمؤتمر الدولي الخامس للإعاقة والتأهيل.
في السابق، كنا ننظر للولايات المتحدة، كدولة متقدمة جداً في مجالات رعاية المعاقين وتأهيلهم، أو حتى التمييز ضد المعاقين في التوظيف، وتحديداً بعد قانون إعادة التأهيل الذي أُقِر في الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٧٣م، والذي -بسبب المادة "٥٠٤" منه- أصبحت المطارات والمدارس والكليات والجامعات وكليات المجتمع والمكتبات العامة في ولايات أمريكا سهلة الوصول لذوي الاحتياجات الخاصة في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات؛ ولكن وبفضل اللفتة الكريمة من حكومة المملكة؛ أصبحنا اليوم وبعد ٤٥ عاماً من تطبيق القانون الأمريكي و٣٠ عاماً من اهتمام خاص يوليه الأمير سلطان بن سلمان ليكمل اهتمام والده الملك سلمان المتواجد والمهتم بجميع الفعاليات التي تخدم قضية الإعاقة والمعوقين، وفي نظرة سريعة إلى "رؤية المملكة 2030" و"التحول الوطني 2020"، واللذان كان تمكين واندماج المعاقين مع المجتمع جزءاً لا يتجزأ من منظومتهما ومستهدفاتهما.
إن الاهتمام الكبير بذوي القدرات الفائقة، ومن رأس الهرم وأعلى سلطة بالمملكة؛ ينتظر أن يقابله اهتمام يتوافق معه من جميع قطاعات الدولة والقطاع الخاص؛ كمقترح اختصار بطاقات المعاقين المتعددة إلى بطاقة واحدة تختصرها؛ عوضاً عن وجود بطاقة للتسهيلات وبطاقة تخفيض وبطاقة خدمات، وأيضاً بالاكتفاء بعرض البطاقة مرة لتطبيق التخفيض بالنسبة للإركاب؛ عوضاً عن عرضها كل مرة للاستفادة من خصم ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا شك لديّ أننا جميعاً تحت مظلة والدنا الملك سلمان حريصون على تسهيل حياة إخواننا ذوي القدرات الفائقة.