العراق حضارة لا تكسر عينها!

العراق حضارة لا تكسر عينها!

العراق، كما يسميها شاعرها محمد مهدي الجواهري، حين رفض كسر العين في نطق اسمها بمقولته المتوارثة "يعز علي كسر عين العراق"، وهي كما أسماها بضم عينها ليست فقط عشقه، بل إن عدم حب العربي للعراق يخالف – برأيي - الفطرة السليمة، وأيضًا لا يمكن أن يوافق المنطق والعقل حال بلاد الرافدين اليوم؛ فسياسيوها كسروا نهضة يفترض أن تكون فيها؛ لتنقلب الأحوال إلى نكسة في جميع المجالات؛ لأسخر من نفسي في حديث داخلي: ليتنا كنا قبلنا كسر عينها عوضًا عن انكسار في جميع الأصعدة. الاحتجاجات التي خرجت أخيرًا في البصرة (العاصمة الاقتصادية للعراق)، بعد أن كانت حبيسة مواقع التواصل الاجتماعي، نتاج طبيعي لتفقير الشعب في أحد أغنى ولايات العراق. والمطالب واقعية ومنطقية جدًّا.. الشعب الذي يبلغ تعداده "مليونًا وسبعمئة ألف" تقريبًا يسكن في مدينة تُلقب بأم الخير، يلتقي فيها نهرا العراق، وفي الوقت ذاته لا يملك ماءً عذبًا! ورغم أنه يقطن بالقرب من أضخم آبار النفط إلا أنه يعاني انقطاع الكهرباء، في وقت يكون فيه وزير الكهرباء العراقي مستمتعًا بالمطاعم في أجواء لبنانية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

بصرة بدر شاكر السياب، بصرة الجاحظ والفرزدق، وأعلام لا تحصى، كسر شعبها سياسيون، كما فعلوا بالعراق كله. اليوم لم تعد العراق هي العراق؛ فملالي إيران نقلوا إليها ثقافة دخيلة، تجعلنا نبكيها مرات ومرات، نبكي إن لم نعايش أزمنة كانت عينها لا تكسر، وزمان احتلالها ولعب الملالي في قيادتها كقطع شطرنج.

ستعود عراقنا يومًا، ستعود بعربها وأكرادها وتركمانها، وبسنتها وشيعتها ومسيحييها وسواهم، ستعود عراقًا لا تكسر عينها، ستعود بغداد نزار قباني "عيناك يا بغداد، منذ طفولتي - شمسان نائمتان في أهدابي.. لا تنكري وجهي فأنت حبيبتي - وورود مائدتي، وكأس شرابي".. ستعود موصل الشعر "يا صاح ما الموصل الحدباء من وطن - بل الجنان تحليها حواريها".. ستعود لا بد أن تعود؛ فهي الحضارة الأقدم، ولم يحن بعد الوقت لتباد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org