نظّم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عن بعد اليوم ملتقى حوارات المملكة الثالث تحت عنوان: "نتحاور لنتسامح"، الذي شارك فيه عدد من الوزراء والمسؤولين الأكاديميين والمختصين في مجال الفكر بالمملكة.
وشهدت فعاليات الملتقى -الذي جاء تنظيمه تزامناً مع اليوم العالمي للتسامح الذي يشكل إحدى أهم القيم التي يعمل المركز على تعزيزها وترسيخها داخل المجتمع- إقامة أربع جلسات حوارية، استعرض خلالها المشاركون جهود المملكة في ترسيخ التسامح وتعزيزه داخل المجتمع، لافتين النظر إلى أهمية التسامح ودوره في تعزيز التعايش والتلاحم الاجتماعي بين المجتمعات بمختلف جنسياتهم وأعراقهم ودياناتهم وثقافاتهم، لكونه الضمانة الحقيقية لبناء المجتمعات المستقرة وأحد الأسس الرئيسة للنهوض بها وتحقيق التنمية والتطور الذي تسعى له.
وانطلق الملتقى بجلسة افتتاحية أدارها رئيس مجلس أمناء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور عبدالعزيز السبيل، استهلها رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية الأمير تركي بن فيصل بن عبدالعزيز بتأكيده على أن المملكة منذ توحيدها أولت اهتماما كبيرا لترسيخ وتعزيز قيم التسامح والتعايش، موضحا أن نظام الحكم في المملكة ينطوي على قدر كبير من التعايش والتسامح والإخاء واحترام وتقدير التنوع وقبول الآخر، بعيداً عن كل أشكال التمييز والفرقة والكراهية، لافتاً النظر إلى أن تبني المجتمع الدولي لقيم التسامح لهو دليل إدراك عميق لحاجة البشرية للتسامح والتعايش.
فيما وصف وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف آل الشيخ الدين الإسلامي بالمُنظَّم والمُنظِّم للعلاقات بين المسلمين وغير المسلمين، والحافظ لحقوق الجميع، مؤكداً حرص المملكة على دعم جهود إصلاح الخطاب الديني ليعكس روح الإسلام المتمثل في حرية المعتقد والتسامح والمساواة والعدل وتفعيل ثقافة الحوار والتعايش مع الثقافات والديانات الأخرى من أجل السلام والاستقرار وبناء جسور للمحبة والتواصل، لافتاً النظر إلى أن للمملكة تجربة رائدة في التسامح والتعايش والسلام، مما جعلها نموذجاً عالمياً في هذا المجال.
بدوره، قال الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس: إن التسامح هو بالأساس ضرورة دينية قبل أن يكون حاجة واقعية، مبيناً أن قيمة التسامح المستمدة من التعاليم الإسلامية محسومة في القرآن والسنة، مؤكداً أن الحضارة الإسلامية ضربت أروع الأمثلة في التسامح والتعايش الإيجابي بين الأمم والشعوب من مختلف الحضارات والثقافات والأديان، مشيراً إلى أن المملكة ضربت أروع الأمثلة في تعزيز قيم التسامح، وقدمت الكثير من المبادرات التي تخدم هذا الهدف الرئيسي، ولعل أبرزها أنها أنشأت مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان.
وفي الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور في مجال الإعلام محمد الحيزان تحت عنوان: "دور مؤسسات المجتمع في تعزيز قيم التسامح"، أشار فيها المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله الربيعة إلى أن المملكة تُمثّل نموذجا عالميا يُحتذى به في تقديمها للعون الإنساني والإغاثي دون تمييز على أساس لون أو دين أو عرق أو عامل سياسي، مما يعكس قيم التسامح في نهجها ودستورها، مبيناً أن المساعدات السعودية وصلت إلى 155 دولة حول العالم، كما قدمت 93 مليار دولار إلى مختلف دول العالم وتأتي في المرتبة الثانية عالميا في هذا المجال.
واستعرض الدكتور "الربيعة" جهود المملكة في نشر دعم الأعمال الإنسانية والإغاثة في العالم من خلال مشاركتها وتأسيسها للكثير من المؤسسات الإقليمية والدولية ومنها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي أصبح منارة دولية للإغاثة والأعمال الإنسانية ورسالة واضحة للعالم مفادها أن هذا الوطن عنوان للتسامح والخير والعطاء والسلام، مبينا أن المركز نفذ 1367 مشروعاً في 54 دولة.
فيما أكد الأمين العام لهيئة كبار العلماء الدكتور فهد الماجد أن التسامح قيمة اجتماعية عظيمة، مضيفاً أن الحديث عن التسامح ليس مستحدثاً في السياق الحضاري، لكن التسامح والسماحة من صلب القيم الأصيلة للإسلام، مبيناً أن جوهر دعوة الإسلام إلى التعارف إلى جانب العبادة هو عملية تفاعلية بين الإنسانية فيما يُصلح شأنهم وينفعهم في مصالحهم الدنيوية، مشيراً إلى أن التسامح يكون في المعاملات، والسماحة في العبادات.
كما استعرض الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور عبدالله الفوزان دور المركز كإحدى مؤسسات المجتمع الوطنية المعنية بترسيخ قيم التسامح من أجل الوصول إلى مجتمع متعايش ومتلاحم وقادر على مواجهة كل ما يهدد نسيجه الاجتماعي، موضحا أن المركز أولى منذ تأسيسه أهمية كبيرة لهذه الفضيلة، فجعله أحد أهدافه السامية التي يسعى لتعزيزها لدى جميع أطياف المجتمع عبر تنظيم وإقامة الكثير من الفعاليات والبرامج والمشاريع.
ونوه الدكتور الفوزان بعمل المركز على مؤشرات إحصائية بالتعاون مع جامعات دولية لقياس مستوى ثقافة الحوار، وإفادة صناع القرار بها، مستشهداً بعدد من البرامج واللقاءات لتعزيز مفهوم التسامح ومنها برنامجا: نسيج، وسفراء الوسطية، مشيرا إلى إنجاز المركز لأول مؤشر من نوعه في المنطقة يهدف إلى الوقوف على مستوى التسامح في المملكة وتعزيز ونشر قِيَمه بين مواطنيها، إضافة إلى مشاركة المركز في الكثير من المؤتمرات والملتقيات الدولية التي تُعنى بالسلام والتسامح، وأيضاً إصداره الكثير من الكتب والإصدارات، وعقده الكثير من الشراكات والاتفاقيات المحلية والدولية التي يسعى من ورائها إلى تعزيز قِيَم التسامح، ليصبح السبيل للعيش ضمن مجتمع متلاحم ومتماسك.