يرصد الكاتب الصحفي محمد بن سليمان الأحيدب، تغيّر بعض المسؤولين عند توليهم المناصب؛ فيتعالون على الناس، وتنقلب شخصيتهم من حمامة إلى طاووس، ينهرون هذا، ويرفضون مقابلة هذا، ويطردون ذاك، وقد تبلغ حالة جنون العظمة بهم أنهم لا يقبلون رأياً من زميل خبير، ولا يقبلون نقاشاً.. وينصح الكاتب هؤلاء بأن يغيّروا هم في المنصب، لا أن يجعلوا المنصب يغيرهم.
من حقك
وفي مقاله "فاهمين المنصب غلط" بصحيفة "عكاظ"، يقول "الأحيدب": "لا مانع أن تستهل اليوم الأول لاستلامك المنصب بتغيير ثوبك وشماغك، وتشتري مشلحاً جديداً، وربما سيارة فخمة (تواجه)؛ فهذا شأنك الشخصي، ومن حقك أن تغيّر من مظهرك؛ لكن المنصب لا يبيح لك أن تغيّر جوهرك، فتغير من تعاملك مع الناس، وتتعالى على من أوكل لك خدمتهم ووليت زمام أمورهم؛ خاصة أن أول تصريح لك بالثوب الجديد والشماغ الطويل و(البشت) الثمين تؤكد فيه أن المنصب تكليف لا تشريف! حسناً تغيّر على الناس كمكلف لا مشرّف!".
نماذج وطنية
ويستدرك "الأحيدب" بالإشارة إلى بعض النماذج الوطنية، ويقول: "أمر التغيّر بعد تولي منصب رفيع ومسؤولية عليا؛ يعود -في ظني- لحجم الثقة في النفس؛ بل ودرجة استحقاق المنصب أصلاً. وقد مررنا بنماذج وطنية زادها منصب التكليف الرفيع قرباً من الناس وتواصلاً معهم واحتراماً لشيخهم وتودداً لصغيرهم (لاحظ أنني لا أستخدم قط كلمة تواضع؛ لأنني أرى الناس سواسية في أمر إنسانيتهم؛ فلا يجوز عندي أن أقول تواضع فلان لفلان، أو إنسان متواضع)، والنماذج الوطنية التي زادها المنصب قرباً من الناس وتواصلاً معهم كثيرة ولله الحمد، وليس المجال هنا لسردهم والحديث عن مواقفهم".
من حمامة إلى طاووس
ثم يرصد الكاتب ملامح التغير عند بعض المسؤولين، ويقول: "ما أنا بصدد الحديث عنه، بعض أولئك الذين ما إن يتولي مسؤولية حتى يتعالى على الناس وتنقلب شخصيته من حمامة إلى طاووس (لم أقل من صقر إلى طاووس لأنه لو كان صقراً ما تَغَيّر)؛ فيتغير في تعامله مع المراجعين وأصحاب الحاجات، ويتغير حتى على أصدقائه وسكان حيه وجماعة المسجد، وربما تَغَيّر تعامله مع زوجته!.. يهمني تغيره على المراجعين وأصحاب الحاجات وعلاقته العملية في القيام بمهماته؛ فتجده ينهر هذا ويرفض مقابلة هذا ويطرد ذاك، ولا يناقش صاحب المشكلة مباشرة بل يعتمد على مدير مكتبه وسكرتيره في فهم قضية المراجع والحكم عليها؛ وكأن مؤهلاته هو في فهم قضايا الآخرين وإيجاد الحلول لمشاكلهم لم تكن ذات قيمة أصلاً!".
لا يقبل مشورة
ويمضي "الأحيدب" راصداً التغير ويقول: "تبلغ حالة جنون العظمة به، رغم قلة خبرته، ألا يقبل رأياً من زميل خبير، ولا يقبل نقاشاً، ويرى أن (سم) و(الشور شورك) هي المشورة المثلى من المتخصص والخبير، لا يتواصل مع زملاء العمل إلا عن طريق مدير مكتبه، ولا يتصل بزملائه، حتى هاتفياً؛ إلا عن طريق السكرتير (اطلب لي فلان)، ومن أطرف ما عايشت أن نائباً لرئيس قطاع صغير يطلب زميلاً من قطاع آخر أكبر منه سناً وأكثر خبرة لاجتماع (تشاوري) عاجل بواسطة السكرتير الذي حين سأله المدعو عن موضوع الاجتماع قال: (لا أعلم)، وعندما عاتب المدعو النائب على دعوته لاجتماع لا يعرف هدفه؛ رد: لم أخبر السكرتير لأن الأمر سري! المدعو ترفّع حتى عن أن يقول له (سري؟! لماذا لم تتصل بنفسك؟!)".
نصيحة
وينهي "الأحيدب" مقدماً نصيحة للمُعَيّنين في المناصب الرفيعة، قائلاً: "نصيحتي للمُعَيّن في منصب جديد رفيع: غيّر في المنصب لا تجعله يغيّرك!".