لا ينكر أحد أهمية وفوائد الماء للجسم الذي يُشكل 70% منه، فهو يعمل على طرد السموم من الجسم وتحسين المزاج والتخفيف من التعب ويزيد من نضارة البشرة، ومما لا شك فيه أن شرب الماء يلعب دورًا مهمًا في صحة أجسامنا، كما له العديد من الوظائف والفوائد، كتنظيم درجة حرارة الجسم، نقل العناصر الغذائية، الحفاظ على وظائف المخ، تحسين الأداء البدني، قد يساعد في إنقاص الوزن عبر زيادة الشعور بالشبع، وترطيب الجلد، وتعزيز حركة الأمعاء وغيرها من الفوائد.
وتفصيلاً، قال الدكتور عبدالله الذيابي لـ"سبق" أصبحتْ وسائلُ التواصل الاجتماعي والمواقعُ الإلكترونية مصدرًا للباحثين في معلوماتٍ طبية متنوعةٍ ومتعددة، وهذه الوسائلُ لا تُميز بين المعلومات الصحيحة والخاطئة، فهي مليئةٌ بالمعلوماتِ الطبية المغلوطة، وَرُبَّما الضَّارة بصحة الفرد والمجتمع؛ لأنَّ معظمها لا تستندُ إلى مصادرَ علميةٍ موثوقة، ولا تُنْشَرُ هذه المعلومات من قِبل المختصين في المجال الصحي، ومن هذه الشائعات ما يُنشرُ عن المخاطرِ الصحية المرتبطة بشرب الماء واقفًا.
وتابع على الرغم من أهمية شرب الماء بالنسبة للجسم وفوائده الجمة سواء للحماية من جفاف البشرة أو دوره في إنقاص الوزن، واستعادة النشاط والحيوية، فالماء يُسهم باستمرار الجسم بأدائه الطبيعي، ويكتسب فوائد لا تحصى ولكن ما هي الطريقة الصحية لشرب الماء، فقد قيل الكثير عن ضرر شرب الماء وقوفًا، ولكن بعضهم يشكك بذلك.
وأضاف طبيب الباطنة في مستشفى الحرس الوطني بالرياض ما زال بعض الناس يصدقون الكثير من الأفكار الخاطئة والخرافات حول جسم الإنسان ويتداولونها على نطاق واسع باعتبارها حقائق لا تقبل الشك، على الرغم من أن العلم أثبت أنها لا تمتّ للواقع بأي صلة.
وأوضح الذيابي بعض غير الْمُختصين يقول: إذا شرب الإنسان الماء واقفًا فإن الكلى لا تُصفيه بالشكل الصحيح، ولا تُنَقّيه من الشوائب؛ لعدم توفُّر الوقت الكافي لذلك، وهذا غير صحيح، فشرب الماء أثناء الوقوف أو الجلوس لا يصل مباشرة إلى الكلى، بل يستغرق وقتًا في المعدة والأمعاء الدقيقة والقولون، ويمتصه الجسم على دفعات، وبعد دخولِه الأوعية الدموية يصل إلى الكبد، حيث يلعب دورًا بارزًا في تنقية الدم القادم من الجهاز الهضمي، وأخيرًا يُصَفَّى في الكلى، وامتصاص الماء من الجهاز الهضمي يكون أسرع من امتصاص الطعام، هذه المدة تقل مع تناول الماء على مِعْدَةٍ فارغة، وتزيد إذا شُرب الماء مع أو بعد الأكل.
وكشف طبيب الباطنة من الشائعات المتعلقة بتأثير شُرب الماء واقفًا على الكلى، أن شرب الماء جالسًا أفضل من شُربه واقفًا؛ بسبب أنه يُخلِّصُ الجسم من الترسُّبات الضَّارة، ويُفتِّت حصيات وترسبات الكلى، وهذه لم تثبت علميًا، فطريقة شرب الماء بحد ذاتها لا تؤثر على تكوين أو التخلُّص من حصيات الكلى وترسُّبات المسالك أبدًا.
ومن المعلومات الخاطئة أيضًا والمنتشرة بشكل واسع أن شُرب الماء واقفًا يؤدي إلى الإصابة بالفشل الكلوي وتليف الكبد، ويسبب جروحًا في نهاية المريء، ويسبب تشنجات لعضلة المريء؛ مما يؤدي إلى صعوبة مرور الطعام إلى المعدة، ويسبب قُرحة المعدة، وعُسر الهضم، والتهاب المفاصل مع مرور الزمن.
وأكد الدكتور عبدالله أن شُرب الماء واقفًا لم يرتبط علميًا بأي مرض أو مشكلة صحية، ومن أوجه قصور العلم أنَّ الطب الحديث لم يجد إلى الآن سببًا ماديًا يفسر نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن شرب الماء واقفًا، ومما لا شك فيه أن شُرب الماء جالسًا مرتبط بحكم صحية نجهل جُلَّها؛ منها أنَّ الشُّرب جالسًا ادعى للتأني والتروي، ولعل هذا من أسباب الحثّ النبوي، فعنِ النبيِّ ﷺ أنه رأى رجلاً يشرب قائمًا فقال له: قِه، قال لِمَه؟ قال: أيسرُّك أن يشرب معك الهرُّ؟ قال: لا، قال: فإنه قد شرب معك من هو شرٌّ منه: الشيطانُ.
ختم، الذيابي حديثه بالقول، ينبغي الحرص على تناول الأطعمة والسوائل (كالماء والقهوة والشاي والعصائر) جالسًا بدلًا من تناولها والمرء واقفًا، فهذا من مفاتيحِ الصحة، والشخص الواعي يتجنَّب نشر المعلومات الطبيةِ مجهولةَ المصدر، والمنشورة من غير أهل الاختصاص أيًا كانت، ولا يُعمّم تجاربه الشخصية التي نجحت معه على الآخرين، خصوصًا تناول أدوية أو مكملات معينة، لما في ذلك من مخاطر صحية.