الراقي عبيد العنزي: الحياة التي يعيشها شبابنا صعبة ومقلقة

قال إن الراقي مثل الطبيب والتسرع في التشخيص يدمر المريض
الراقي عبيد العنزي: الحياة التي يعيشها شبابنا صعبة ومقلقة
تم النشر في

يرى عبيد خليف الحسني العنزي أحد أشهر الرقاة الشرعيين في المنطقة الشرقية، أن الراقي الشرعي مثله مثل الطبيب في المستشفى، إذ عليه أن يتفهم معنويات مريضه أولاً، ويجتهد في التشخيص الصحيح للمرض قبل تحديد نوع العلاج، منبهًا من أن بعض الرقاة الذين يفاجئون مرضاهم بحقيقة مرضهم بشكل مباشر، يتسببون لهم في انتكاسة تعقّد من رحلة شفائهم.
 
"العنزي" الذي يمتلك خبرة في الرقية الشرعية، عمرها ثلاثة عشر عامًا، دعا إلى تعزيز التنسيق بين الرقاة الشرعيين من جانب، والأطباء في المستشفيات من جانب آخر، كاشفًا عن حالات لم يتمكن الأطباء في علاجها، وعالجها الرقاة، ولكنه تمنى في البداية أن تكون هناك جهة تختبر الرقاة المسموح لهم بممارسة هذه المهنة بشكل علني.. هنا حوار معه، لمعرفة التفاصيل.
 
 - في البداية.. دعنا نتعرف منك على مفهوم الرقية الشرعية وشروطها؟

- الرقية الشرعية في الشريعة، تأتي بمعنى "عوذته بالله"، والاسم منه "الرقيا". ومعنى الرقية في الاصطلاح بأنّها ما يشفى به المريض من الدعاء، أي أن الرقية في اللّغة والشّرع يعني طلب الشّفاء للمريض بالدعاء من القرآن والسنة، للرقية الشرعيّة شروط، وهي ألا يكون فيها كلام شرك أو معصية، والرقية لا تشفي إلا بأمر الله تعالى، وتكون الرقية بأن يقرأ الرّاقي على (المريض،  مشددًا على ضرورة وجود محرم مع المرأة ويمكن أن يكون الرّاقي هو شخص آخر أو المريض نفسه، ويمكن للمسلم أن يرقي نفسه وغيره أيضًا، وكذلك يمكن للزوج أن يرقي زوجته، وترقي الزوجة زوجها، والعلاج من الرقية الشرعيّة يعتمد بدرجة كبيرة على صلاح الإنسان وأعماله.
 
 
* وكيف كانت بدايتك مع الرقية الشرعية وهل كان أحد أفراد الأسرة يمارسها؟

- أنا أول أفراد أسرتي أعمل في الرقية الشرعية، فقبل 13 عامًا، وجدت أن عندي ميولاً للرقية الشرعية ورغبة في معرفة أسباب الإصابة بالعين والحسد والسحر وما شابه ذلك، وكنت تواقًا أن أعرف علاج كل هذه الأشياء في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وزاد شغفي بالرقية الشرعية، عندما أُصيب أحد أقاربي بمس شيطاني، ورأيته يتألم ويعاني، ولا يقدر على العيش مثل الآخرين، وعلى الرغم من أنه ذهب إلى عددٍ من الأطباء والرقاة، إلا أنه ظل يعاني ويتألم، ولم يجد علاجه عند أحد منهم، فقررت أن أثقف نفسي في هذا المجال، وأقرأ كتبًا كثيرة في الرقية الشرعية، ولم أكتفِ بذلك، وتعلمت على أيدي عددٍ من الرقاة المعروفين على مستوى المملكة، رغبة مني في أن أعرف حقيقة هذه الأمور من منابع العلم، وأستطيع أن أنفع الناس بما تعلمت.
 
* ومَن الرقاة الذين تعلمت على أيديهم وتدين لهم بالفضل بعد الله؟

- حقيقة القول إنني كنت حريصًا على أن أتعلم من كل شيخ أجلس إليه، حتى أتعرف كيف يتعامل مع مرضاه، وكيف يعالجهم، وكيف يوصل لهم ما يريده من أفكار ونصائح، ومن المشايخ الذين تعلمت على أيديهم ولا أنسى فضلهم، الشيخ فايز القثامي ، في المدينة المنورة، وهو أحد الرقاة المعروفين على مستوى المملكة، وهو رئيس لجنة النحالين والطب البديل، ذهبت إليه وطلبت منه أن أتعلم منه كل شيء عن الرقية الشرعية، فرحب جدًا ولم يبخل عليّ بأي معلومة، وجلست معه قرابة عام، أتابعه وأتعلم منه كل ما يخص الرقية.
 
* ما أوصاف الراقي الشرعي العارف بمتطلبات هذه المهنة وشروطها؟

- لا أبالغ إذا أكدت لك أن الراقي الشرعي مثله مثل الطبيب، فكما أن الطبيب مطلوب منه أن يشخص المرض بشكل علمي دقيق، حتى يستطيع أن يصل إلى العلاج المناسب، فالراقي الشرعي مطلوب منه أيضًا أن يشخص ما يعانيه المريض بكل دقة، قبل أن يحدد سبل ونوع العلاج، خصوصًا أن التشخيص الخاطئ لدى الراقي قد يتسبب في انتكاسة للمريض ويتأزم أمر شفائه، ومن وجهة نظري أن الراقي الشرعي الجيد، هو القادر من خلال خبراته وعلمه أن يتأكد من تشخيصه للمريض، ليس هذا فحسب، وإنما يكون لديه حس إنساني وحكمة وعقل في كيفية إخبار المريض بحقيقة مرضه، فبعض الرقاة ـ هداهم الله ـ يفاجئون مرضاهم بأنهم يعانون مسًا شيطانيًا أو أنهم مسحورون، فتتفاقم حالاتهم، وتتراجع معنوياتهم، ويصابون بالإحباط وييئسون من الشفاء، في حين أن هؤلاء الرقاة لو تمهلوا قليلاً، وحاولوا علاج هذا المس أو السحر من دون إخبار المريض بحقيقته، لكانوا نجحوا في تحقيق هدفهم، فكثير من العوارض يتم علاجها بقراءة القرآن الكريم أو ترديد الأذكار والأدعية إلى آخره.
 
*هل تقصد أن الراقي الشرعي مطلوب منه الإلمام بمبادئ علم النفس حتى يمكنه التعامل مع المريض؟

- بالطبع، فالراقي الشرعي، كما ذكرت سابقًا، مثله مثل الطبيب، عليه أن يكون حكيمًا في تعامله مع مريضه، والاثنان عليهما أن يدركا جيدًا أن العامل النفسي للمريض يشكل نسبة كبيرة من العلاج بإذن الله، والعكس صحيح، فقد يكون المريض يعاني أمراضًا خطيرة، ولكن إذا استخدم الراقي الشرعي لغة هادئة مطمئنة، فقد يساعد هذا في العلاج، وفي المقابل، إذا كان المريض لا يعاني شيئًا، وفاجأه الراقي الشرعي بقائمة من التحذيرات والمخاوف، فقد يسبب له هذا الخوف والقلق والوساوس التي هو في غنى عنها، لذا أنصح كل راقٍ شرعي أن يدرك جيدًا عواقب كل كلمة يتفوه بها أمام المريض، وأن يتبع معه كل وسائل الطمأنة مع ابتسامة بشوشة، تبعث الأمل في نفسه.
 
 
* الرقاة الشرعيون يكونون سببًا في علاج أمراض كثيرة وتوجد حالات صعبة فشل فيها الأطباء ونجح فيها الرقاة.. وهذا يقودنا إلى أسباب عدم وجود تنسيق وتفاهم بين الرقاة الشرعيين والأطباء في المستشفيات في تحويل الحالات المستعصية بين الطرفين؟

- الرقية الشرعية، جاءت في ديننا الإسلامي الحنيف، وهي ضمن أنواع العلاج في الطب النبوي المنقول عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، والمجتمع السعودي مجتمع مسلم بطبيعته، ويميل صوب كل ما يوصي به القرآن الكريم والشريعة الإسلامية السمحة، ولهذا أرى أن بعض الأطباء السعوديين والعرب العاملين في مستشفيات المملكة، ينصحون بعض مرضاهم بالتوجه إلى الرقاة الشرعيين، بعد أن فشلوا في علاجهم بالطب الكيميائي، وأتذكر على سبيل المثال أن مريضًا كان يعاني اختلالاً في إفرازات الغدة النخامية، وذهب إلى أحد المستشفيات الكبرى في المملكة، وتواصل مع الأطباء هناك ثلاث سنوات، بحثًا عن علاج، وبدلاً من أن يجد ما يبحث عنه، تفاقمت حالته الصحية أربع مرات، مما أسفر عن تضخم الثديين، ونزول حليب منهما، فنصحه الطبيب المعالج، أن يذهب إلى أحد الرقاة الشرعيين، وجاءني، ووفقني الله في تشخيص حالته بشكل جيد، وتحديد العلاج الروحي، ولم تمضِ أيام قليلة، إلا ومنّ الله عليه بالشفاء التام، وعندما ذهب إلى طبيبه المعالج، لم يصدق هذه السرعة في العلاج ودرجة الشفاء التي وصلها.
 
* ولماذا لا يكون في كل مستشفى عيادة معتمدة من الجهات المختصة للرقية الشرعية لعلاج الحالات التي سببها نفسي أكثر منها عضوي؟

- هذا ما أتمناه وأدعو إليه، فالرقية الشرعية قادرة ـ بإذن الله ـ على علاج حالات مرضية كثيرة جدًا، سببها روحي، وليس عضويًا كما ذكرت، وأحذر من اللجوء إلى السحرة والمشعوذين وقراءة الأسحار والطلاسم، فهؤلاء يدمرون كل من يلجأ إليهم أو يطلب منهم مساعدة، وأتذكر أن شابًا جاءني يطلب مني علاج حالته، وعرفت منه أنه ذهب إلى أحد السحرة، الذي قرأ عليه شيئًا من الطلاسم، فساءت حالته وتأزمت معنوياته كان يرتجف بشدة وخوف، ولا يستطيع أن يعيش حياة طبيعية، ووفقني رب العباد أن أشخص حالته وتحديد علاجه، الذي قضى على مخاوفه وآلامه.
 
 
* في عصر العولمة والتكنولوجيا وانتشار وسائل الإعلام.. أليس لهذه الوسائل تأثيراتها السلبية على الجيل.. وما نصائحك لهم؟

- الحياة التي يعيشها شبابنا صعبة ومقلقة، فكل خطر أو أي شيء غريب وعجيب من السهل أن يصل إلى شبابنا بطريقة أو بأخرى، وعمليات التغريب في الشبكة العنكبوتية مستمرة من الغرب، وتستهدف الشباب والفتيات، الذين عليهم أن يكون على علم ودراية بالأخطار من حولهم، وأن يتعلموا كيف يواجهونها ويتغلبون عليها، بدلاً من التأثر والإيمان بها، والإنسان المسلم قادر على أن يحمي نفسه بنفسه، إذا كان قريبًا من الله سبحانه وتعالى، وإذا كان يحصن نفسه بالقرآن الكريم واذكار الصباح والمساء والأدعية، فهذا خير حافظ بعد الله تعالى من الإصابة بالعين أو الحسد أو السحر.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org