الهياط والمهايطة
الهياط والمهايطة في لسان العرب: أي في ضجاج وشر، والصياح والجَلَبَة.
إن مظاهر "هياط" الكرم الممجوجة قد انتشرت مقاطع يتم تداولها عنها، تعكس واقعاً جاهلياً في التعامل مع النِّعَم، بالرغم من أن ذلك ليس كرماً، ولا رجولةً، ولا فخراً، بل عيباً ومعصيةً ونقصاً وخزياً.. فكم تأذى فقير محروم من تلك المشاهد!وكم من باكٍ قد ذاق الفقر والجوع، وكم من مؤمن أفزعته خوفاً من عقوبة الله تعالى.
ولا يزال بيننا كبار سنٍّ يحكون حياة الجوع والألم والخوف التي عايشوها في بلادنا، وكيف أن الله تعالى أبدل فقرهم غنى، وخوفهم أمناً، وجوعهم شبعاً.. وقد امتن الله على قريش أن {أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}.
لقد حوَّل الله أحوالنا في هذه البلاد من جوع وخوف وشتات إلى شبع وأمنواستقرار.. وهذه المتضادات لا يمكن أن تلتم إلا برحمة من الله وفضل، وتوفيق ممن حكم الأمر وتولاه.
{ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض}.. فبالشكر تدوم النعم، وتزيد.. وخير الرزق ما لا يطغيك ولا يلهيك.
أيها المهايطون بالنِّعَم، إن الله أبقى نعمته بين أيدينا ابتلاءً وامتحاناً {ولئن شكرتم لأزيدنكم...}.
ومن أجمل ما قرأته ما أورده مؤلف كتاب (أصول الفلسفة العربية) عن الأديب توفيق الحكيم واصفاً أمة العرب وبلادها:
(العرب أمة نشأت في فقر لم تعرفه أمةأخرى! صحراء قفراء، قليل من الماء يثير الحرب والدماء، جهاد وكفاح لا ينقطعان في سبيل العيش والحياة. أمة لاقت الحرمان وجهاً لوجه، وما عرفت طيب الثمار، وجريّ الأنهار، ورغد العيش، ومعنى اللذة، كان حتماً عليها ألا تحس المثل الأعلى في غير الحياة الهنيئة، والجنات الخضراء، والماء الجاري، وألوان النعيم واللذائذ التي لا تنضب ولا تنتهي. أمة بأسرها حلمت بلذة الحياة ولذة الشبع فأعطاها ربها اللذة ومنحها الشبع...).
ومن حكم شعر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -:
إذا كنت في نعمة فارعها *** فإنَّ الذنوب تزيل النَّعَم
وخير واعظ قوله تعالى: {وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون}.