فتح رجل الأعمال السعودي بدر بن محمد الراجحي النار تجاه التجار في المملكة عندما وصفهم بـ"المقصرين" قائلاً: أين بصماتكم في المجتمع؟ أين أوقافكم؟ أنتم مقصرون.. زرت الجمعيات الخيرية ولم أجد منكم إلا القليل..أقولها بكل مرارة: أين دعمكم ياتجار؟".
وتابع في معرض رده على تساؤل "سبق" عن دور رجال الأعمال في خدمة الوطن، مُجيباً: حتى خطباء الجمعة مقصرون في حث رجال الأعمال على التبرع، معظم خطبهم عن الإرهاب، نعم نبذ الفكر الإرهابي مطلوب من منابر الجمعة تجاه المجتمع، ولكن أيضاً على الأئمة أدوار منها حثّ التجار للتبرع وخدمة الناس.
جاء ذلك خلال سرده لقصة كفاحه في "لقاء الخميس" للناجحين، أمام الجمهور الحاضر بمكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالخرج، حيث قدم رئيس اللقاء في الخرج الزميل "ماجد الرفدي" الضيف، ووصفه بـ"رجل المال والأوقاف"، وغصت قاعة الشيخ "الصغير" برجال الدين والأعمال، والأكاديميين والشباب المتعطشين لمعرفة خارطة الطريق نحو قطاع التجارة، وتنويع مصادر دخل البلد تزامناً مع سياسة ميزانية المملكة الجديدة.
وقال بدر الراجحي الذي يستعد لـ"تنويخ ناقة التجارة" بعد 3 سنوات من الآن، أي سيترك كل أعماله لأولاده، "مسيرتي الدراسية قبل 40 عاماً سطرت مراحل الفشل، وحياتي مملة، وواجهت ضغطاً من والديّ بأهمية التعليم رغم مستواي الضعيف، وبقيت في الصف الثاني متوسط 3 مرات، وفي المرحلة الثانوية شعرت بالخطر، بالرغم من أن والدي كان غنياً، إلا أنه كان شديداً جداً في مسألة إقراضي بشكل عشوائي، سوى مصاريف المدرسة".
وأضاف: "التحقت في مصنع الألومنيوم الذي يملكه الوالد وعمري 17 عاماً براتب 1500 ريال، وعملت معقباً لدى الجوازات وعاملاً في المصنع بنفس الوقت، وقسمت راتبي 3 أضعاف جزء منه صدقة لإيماني بأهميتها وبركتها، وبعد ذلك تسلمت إدارة مزرعتنا في الخرج وهي كبيرة جداً بمساحة 12 * 14كم، وحرص والدي على تربيتي من خلال الضغط علي في تجربة كل الأعمال الشاقة لشاب صغير لم يهنأ باللهو والترفيه مثل أصدقائه، ثم أعادني للمصنع مرة أخرى بعد تعرضه لسرقة من مديره السابق، وتوليت مهام عدة منها إدارة المصنع، ومعقب بعد الظهر، ومساعدة العمال، وكل ذلك براتب 6000 ريال وسيارة "فولفو".
وواصل "الراجحي" حديثه لكنه باكياً هذه المرة عندما قال: "كلما طلب مني والدي عملاً قمت به دون اعتراض، ودون إبداء أي عذر، حارماً نفسي من الراحة والجلوس مع زوجتي وأولادي، وانتقلت إلى إدارة مصنع في المنطقة الشرقية، ثم ترأست مصانع كثيرة في نفس الوقت مثل "البلاستيك، والزجاج، والألمنيوم، والأنابيب"، وكان والدي يقول لي بشفقة الأب الحنون: يابدر لا تتعب نفسك!.
ولم يخف أنه واجه تحدياً من رجال الأعمال والأصدقاء وأناس محيطين به، وضغطاً من المقربين، كلها قوى تتمنى له الفشل، لكن ملازمته لوالده، ومتابعة كل تفاصيل العمل، وحرصه على الموازنة بين متطلبات العمل اليومي والدين والعائلة عوامل ساعدت على تجاوز العقبات والمضي قدماً.
ووجه بدر الراجحي حديثه للشباب مطالبهم بشد الأحزمة، قائلاً: أغلب شبابنا لم يفهموا شد الأحزمة الذي أعلنته الدولة عند إعلان الميزانية، فهناك فرص استثمارية في المملكة كبيرة جداً منها الخدمات والمشروبات والأكل، ومن يستفيد منها هم الأجانب، ومشكلتنا نبحث عن الوظائف فقط لأجل الراحة؟ لدينا قوة شرائية نراهن عليها العالم، وينقصنا التفكير بمشاريع جديدة .
وأبدى ضيف "لقاء الخميس" للناجحين امتعاضه من عدم الاهتمام بالأوقاف والتدريب، مشيراً إلى أن هناك جهلاً كبيراً في المجتمع بأهمية الأوقاف، وأهمية التدريب كذلك، مؤكداً أن ثلثي ثروة والده بين وقف ووصية، ومعتبرها بصمات ستخدم المجتمع والوطن، وتنفع الميت في قبره .
واعترف "الراجحي" أنه أوعز لسائقي السيارات في المصنع والمنزل أن يتزودوا بالوقود لحظة إعلان نبأ رفع التسعيرة الأسبوع الماضي، لا لشيء، سوى أنه يقصد من هذا الإجراء إشعار العمال بأهمية الريال والريالين. مستدركاً في حديثه: نعم مشاهد الزحام في محطات الوقود لم يكن حضارياً وترمز لثقافة استهلاك سلبية، ومن خرج هم بالتأكيد لا يمثلون أهل المملكة، ولكن هذا موجود في الدول الأوروبية أيضاً.
مقتطفات من اللقاء:
_ قال "الراجحي" إنه يستعد بعد ثلاث سنوات من الآن ترك المصانع وتسليمها لأولاده.
_النجاح المميز لرجل الأعمال بعد وفاته وهو يقابل ربه راضياً عليه.
_ لابد للشخص أن يكون له بصمة في المسؤولية الاجتماعية .
_عدد سكان العالم الذين يملكون ثروات لايتجاوزون الـ 5% .
_ البيع والشراء عرّفني على معادن التجار في المملكة.
_ لابد أن ننشر ثقافة الأوقاف، وأهمية الصدقة، وتدريب أولادنا على جمع المال.
_السعودية ثاني أكبر دولة في التدريب، وأسوأ دولة في مخرجاته.
_ من المشاريع المميزة، مشروع صيانة المصحف الشريف في محافظة الخرج.